الرياض - عاصمة المملكة العربية السعودية 
السعودية

عقاريون: قرارات تنظيم الإيجارات بالرياض ترسخ العدالة وتدعم استقرار السوق العقاري

في تصريحات خاصة لـ"بروبرتي ميدل إيست"

بروبرتي ميدل إيست

أكد خبراء عقاريون أن القرارات الجديدة الصادرة عن مجلس الوزراء السعودي والمرسوم الملكي لتنظيم سوق الإيجارات في العاصمة الرياض، تشكل منعطفًا مهمًا نحو تحقيق العدالة والاستقرار في القطاع العقاري، إذ لا تقتصر أهميتها على كونها تضبط العلاقة بين الملاك والمستأجرين فحسب، بل تمتد لتضع إطارًا أكثر شمولًا يحد من الارتفاعات العشوائية للأسعار الإيجارية، ويدعم الشفافية من خلال توثيق العقود إلكترونيًا، ويمنح السوق صفة التنظيم والانضباط التي طالما انتظرها المستثمرون والمطورون على حد سواء.

ويرى الخبراء أن هذه الإجراءات ستسهم في خلق بيئة استثمارية أكثر أمانًا، وتحفّز المطورين على تقديم منتجات عقارية ذات جودة أعلى، بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، ويجعل السوق أكثر جذبًا للاستثمارات طويلة الأجل، وهو ما ينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تطوير المدن وتحسين جودة الحياة.

وتتضمن الإجراءات الجديدة إيقاف زيادة الأجرة لمدة خمس سنوات، وتوثيق جميع العقود عبر منصة "إيجار" لضمان الشفافية، إضافة إلى تنظيم آليات التجديد التلقائي للعقود، وتحديد ضوابط الاعتراض على القيمة الإيجارية في حالات محددة، كما تم فرض غرامات صارمة تصل إلى أجرة 12 شهرًا على المخالفين، مع إتاحة قنوات للتظلم والشكاوى، في حين تتولى الهيئة العامة للعقار متابعة التنفيذ ورفع تقارير دورية عن السوق.

الحقيل: القرارات تعكس حرص القيادة على المواطن والمقيم

وفي هذا السياق، أكد وزير البلديات والإسكان السعودي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار، ماجد بن عبدالله الحقيل، أن هذه القرارات الحكيمة تجسد بوضوح حرص القيادة الرشيدة على مصلحة المواطن والمقيم على حد سواء، موضحًا أنها تسهم بشكل مباشر في ضبط سوق الإيجارات السكنية والتجارية، وتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، فضلًا عن تعزيز التوازن بين العرض والطلب.

وأوضح الحقيل أن هذه الخطوات ستنعكس بشكل ملموس على رفع جاذبية العيش والاستثمار في المملكة، بما يعزز مكانة الرياض كوجهة اقتصادية وحضرية رائدة.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبدالله بن سعود الحمَّاد، إن هذه الموافقة تمثل امتدادًا طبيعيًا لما يحظى به القطاع العقاري من اهتمام ودعم متواصل من القيادة الرشيدة، وإيمانًا بأهمية تحقيق التوازن الذي يخدم التنمية الشاملة ويحفظ حقوق جميع المتعاملين.

وأكد أن الهيئة ستضطلع بدورها الكامل في تنظيم سوق الإيجارات السكنية والتجارية بما يعزز العدالة والشفافية، ويوفر بيئة مستقرة وآمنة للملاك والمستأجرين على حد سواء، موضحًا أن هذه الأحكام تأتي تنفيذًا للتوجيهات الكريمة الصادرة في مارس الماضي، والتي قضت باتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

الحمَّاد: الأحكام الجديدة تدعم الاستقرار وتستند لأفضل الممارسات العالمية

وأشار الحمَّاد إلى أن الهيئة عملت على إعداد دراسة شاملة استندت إلى أفضل الممارسات والتجارب العالمية في الأسواق العقارية الناضجة، مع مراعاة خصوصية السوق المحلي، مبينًا أن هذه الدراسة خلصت إلى توصيات متوازنة ومستدامة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وتسهم في معالجة التحديات ودعم استقرار السوق.

وأضاف أن هذه الأحكام النظامية ستسهم بشكل مباشر في ضبط الأسعار الإيجارية وتحقيق التوازن العقاري وتعزيز الاستقرار التعاقدي، وذلك عبر تثبيت أجرة العقارات الشاغرة وإيقاف الزيادة السنوية للإيجارات في الرياض لمدة خمس سنوات، واعتماد مبدأ "التجديد التلقائي" كقاعدة أساسية للعقود في جميع مدن المملكة، إلى جانب تحديد حالات استثناء بعدم التجديد في مدينة الرياض.

خالد شاكر المبيض، الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية

بدوره، اعتبر خالد شاكر المبيض، الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية، أن إصدار اللوائح الجديدة يعكس وعي الجهات التنظيمية بحجم التحديات التي يواجهها السوق العقاري في العاصمة، خاصة في ظل النمو السكاني المتواصل والطلب الكبير على المساكن والمكاتب التجارية.

وأوضح المبيض في تصريحات خاصة لـ"بروبرتي ميدل إيست"، أن هذه القرارات ستؤدي إلى حماية المستأجرين من الزيادات غير المبررة، وفي الوقت نفسه تضمن للملاك عوائد عادلة تتماشى مع طبيعة السوق، وهو ما يحقق قدرًا من العدالة الاقتصادية بين الطرفين ويخفف من الضغوط على القدرة الشرائية للأفراد.

المبيض: القرارات تحمي المستأجرين وتدعم الأنشطة التجارية الصغيرة

وأشار المبيض إلى أن اللوائح سيكون لها أثر بالغ الأهمية على الإيجارات التجارية، حيث ستحمي الأنشطة الصغيرة والمتوسطة من الانسحاب نتيجة التضخم في الإيجارات، ما يعزز من استقرار القطاع التجاري ويضمن استمرار حيويته.

وفي سياق توقعاته للمستقبل، أكد المبيض أن هذه القرارات ستعزز الشفافية في السوق، وتزيد من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وهو ما سيحفز المطورين على تقديم منتجات عقارية مبتكرة تتماشى مع هذه الضوابط الجديدة، الأمر الذي سيسهم في رفع جودة المعروض وتحقيق استقرار أكبر.

ولفت إلى أن ضبط وتيرة الأسعار سيحد من التذبذبات الحادة، ويجعل السوق أكثر جذبًا للاستثمارات طويلة الأجل، ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمارات المضاربية قصيرة المدى.

سعد التويم الخبير العقاري

من جهته، شدد الخبير العقاري سعد التويم، في تصريحات خاصة لـ"بروبرتي ميدل إيست"، على أن هذه القرارات جاءت في توقيت بالغ الأهمية، إذ تشهد الرياض منذ سنوات زيادة ملحوظة في أسعار الإيجارات، ما فرض ضغوطًا كبيرة على المستأجرين والملاك على حد سواء. وأضاف أن الهدف الأساسي لهذه الإجراءات هو معالجة التحديات التي يعاني منها السوق، وعلى رأسها الارتفاعات العشوائية والممارسات الاحتكارية التي يمارسها بعض الملاك، والتي أدت إلى فرض شروط تعسفية على المستأجرين في ظل الطلب المرتفع، معتبرًا أن القرارات الجديدة ستضع إطارًا منظمًا يحد من هذه التجاوزات، ويخلق بيئة أكثر استقرارًا لنمو السوق العقاري.

وفيما يتعلق بتثبيت أسعار الإيجارات لفترات محددة، أشار التويم إلى أن هذا القرار يعد من أبرز القرارات الإيجابية، إذ يمنح المستأجرين استقرارًا سكنيًا ووظيفيًا يساعدهم على التخطيط طويل الأمد، وفي الوقت ذاته يشجع الملاك على الاحتفاظ بالمستأجرين الجيدين لفترات أطول، مما يقلل من تكاليف دوران المستأجرين وفترات الشغور.

وتوقع أن تسهم هذه الخطوة في جذب استثمارات مؤسسية تبحث عن بيئة أكثر استدامة وأمانًا، في حين قد تحد من شهية المستثمرين الباحثين عن عوائد سريعة، وهو ما يصب في مصلحة السوق على المدى الطويل.

التويم: توقيت مثالي لمعالجة التضخم ودعم استقرار السوق

ولفت التويم إلى أهمية الدور الذي تلعبه منصة "إيجار" في إنجاح هذه القرارات، إذ يتيح التوثيق الإلكتروني للعقود شفافية مطلقة ويكافح التجاوزات، كما يوفر قاعدة بيانات دقيقة تمكّن صناع القرار من مراقبة السوق واتخاذ قرارات مستندة إلى بيانات واقعية.

وفي هذا الإطار، اعتبر أن ضوابط التجديد التلقائي للعقود مع وضع سقف للزيادات السعرية ستوفر استقرارًا إضافيًا للسوق، دون أن تحد من مرونته كما يتخوف البعض، بل ستؤسس لضوابط ضرورية تمنع انفلات الأسعار وتضمن نموًا منظمًا.

وختم التويم بالإشارة إلى أن الرياض ستكون بمثابة التجربة الأولى لهذه الإجراءات، مرجحًا أن يتم تعميمها لاحقًا على مدن أخرى مثل جدة والدمام في حال أثبتت نجاحها، وهو ما سيكرس توازنًا أكبر في سوق الإيجارات على مستوى المملكة، ويعزز مسيرة التطوير العقاري المتسارعة في إطار الرؤية الوطنية الطموحة 2030.