
توقَّع مطوّرون عقاريون ارتفاع أسعار العقارات في مصر العام المقبل، بدعم انخفاض قيمة الجنيه، وزيادة كلفة الإنشاءات، وذلك رغم تباطؤ وتيرة المبيعات نسبيًّا، وتراجع القدرة الشرائية لدى المصريين خلال العام الجاري.
وتؤكد تقديرات مطوّرين، استطلعت "الشرق بلومبيرغ" آراءهم، زيادة أسعار الوحدات العقارية بما يتراوح بين 15% و30% خلال العام المقبل، مع اتجاه المواطنين لشراء العقارات كمخزنٍ آمنٍ للقيمة لحماية مدخراتهم في مواجهة التضخّم المرتفع، بالإضافة إلى توجّه المصريين العاملين بالخارج والمشترين من الدول العربية لاقتناص الوحدات العقارية بعد خفض قيمة العملة.
يأتي ذلك رغم تباطؤ مشتريات العملاء بغرض الاستثمار "المضاربين"، مقارنةً مع فورة نشاط القطاع العقاري التي شهدها العام الماضي، والتي ارتفعت خلالها الأسعار بنِسَب وصلت إلى 200%.
تراجع الجنيه يرفع أسعار العقارات
وتوقّع طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، ارتفاع أسعار الوحدات العقارية خلال العام المقبل، مُرجعًا ذلك إلى انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار؛ مما يؤثر على أسعار مدخلات البناء، ويرفع كلفة المشروعات.
واستبعد مطوّرون على هامش معرض "سيتي سكيب" في القاهرة، خلال سبتمبر الماضي، حصول فقاعة بسوق العقارات في مصر، وأوضحوا أن ما شهدته السوق من ارتفاع بالأسعار في 2023 وصل إلى نحو 200% كان سببه اضطرابات سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهو ما لن يتكرر، متوقعين أن الزيادة في أسعار العقارات مستقبلًا ستكون "منطقية" مع استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار نسبيًّا وتراوحت تقديراتهم لهذه الزيادة بين 10% و25%.
واعتبر شكري أن تراجع العملة وارتفاع تكلفة الأجور، وزيادة أسعار الأراضي، ستدفع الأسعار النهائية للوحدات العقارية للصعود العام المقبل بما يتراوح بين 10% إلى 20%.
ملاذ آمن للادخار
وأرجع عبد الله سلام، الرئيس التنفيذي لشركة "مدينة مصر للإسكان والتعمير"، تقديراته بزيادة أسعار العقارات بمعدل 20% إلى ارتفاع الطلب على العقار كملاذٍ آمن للادخار، خاصةً في ظل توقُّعات خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة، في إشارة إلى اتجاه المواطنين للاستثمار في العقار بدلًا من الادخار في القنوات المصرفية التقليدية كالشهادات البنكية.
وذكرت شركة الاستشارات العقارية "جيه إل إل"، في تقرير عن أداء سوق العقارات بمصر خلال الربع الثالث، أن استقرار الاقتصاد الكلي يدعم التحوّل في سوق العقارات، بما يساهم في خلق أرض خصبة للاستثمار العقاري.
وأضافت: "نشهد ظهور فرص نموّ كبيرة؛ خاصة في القاهرة، مدفوعةً بالطلب الأساسي القوي وإستراتيجيات التنمية المبتكرة، علاوة على ذلك، فإن المشاريع الجديدة ومبادرات البنية التحتية الطموحة تعمل أيضًا على إعادة تشكيل المشهد، ما يعِد بنموٍّ مستدام في مختلف جوانب المنظومة العقارية في العاصمة خلال الربع الأخير من عام 2024".
وتوقَّع الرئيس التنفيذي المشارك في شركة "ماونتن ڤيو للتنمية والاستثمار العقاري"، وائل عز، استمرار ارتفاع أسعار الوحدات العقارية تأثرًا بضغوطٍ محتملة لارتفاع التكلفة، وعدم استقرار سعر صرف الجنيه.
الفائدة تعزز الأسعار
تضغط أسعار الفائدة المرتفعة حاليًّا على المطوّرين وتزيد التكاليف؛ مما قد يرفع أسعار الوحدات بما يصل إلى 30% في 2025، بحسب أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة شركة "الأهلي صبور" للاستثمار العقاري.
أما شركات العقارات فتتوسع في مدّ آجال السداد وتخفيض المقدّم، في محاولةٍ لجذب الزبائن في ظل ضعف آليات التمويل العقاري بالبلاد، لكن هذا النهج البيعي يحمّل العملاء كلفة الفائدة المرتفعة طوال سنوات التقسيط؛ مما يرفع الأسعار، كما يؤدي أحيانًا، خاصة حال انخفاض قيمة العملة، إلى تأخر الشركات في تسليم الوحدات للعملاء، جرّاء تحمّلها زيادةً كبيرةً مفاجِئة في كُلفة الإنشاءات.