
شهدت أسعار العقارات في المملكة العربية السعودية تصحيحًا ملحوظًا خلال الربع الثاني من عام 2025، مع تسجيل انخفاضات في 8 مناطق إدارية، بالتزامن مع تفعيل خُطط كبح جماح الأسعار في السوق السكنية، والتي جاءت استجابةً لتوجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الصادرة في أواخر مارس 2025، والهادفة إلى تمكين المواطنين من تملُّك السكن والحد من المضاربات في السوق السكنية.
وفي خطوةٍ تعكس جدية الجهات التنظيمية، انكسرت موجة الصعود المستمر التي سادت أسواق العقار خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مدينة الرياض التي تُعدُّ مركز النشاط العقاري في المملكة؛ حيث سجَّلت العاصمة تراجعًا في الأسعار السكنية بنسبة 3.08% على أساس ربعي.
وتصدَّرت المنطقة الشمالية نسبة التراجعات ربع السنوية بـ 7.25%، تليها منطقة الباحة بنسبة هبوط 4.41%، الرياض بنسبة انخفاض 3.08%، والمدينة المنورة بنسبة 2.5%، وفق الهيئة العامة للإحصاء.
جدول مؤشر أسعار العقارات في الربع الثاني 2025
وانخفضت أسعار قطاع العقارات السكنية في الربع الثاني من عام 2025 بنسبة 2.58% مقارنةً بالربع الذي قبله، مع تراجع أسعار الأراضي السكنية بنسبة 4.04%، وانخفاض الشقق السكنية بنسبة 1.24%، وهبوط الدور السكني بنسبة 1.24%.
ويعكس هذا التراجع تغيُّرًا هيكليًا في توجّهات السوق، نتيجة قراراتٍ تنظيميةٍ واضحةٍ للحد من الارتفاعات غير المبرَّرة في الأسعار السكنية، وتوجيه السيولة نحو مشاريع سكنية ذات جدوى وجودة.
في تناقضٍ واضحٍ مع السوق السكنية، شهدت العقارات التجارية ارتفاعًا كبيرًا خلال نفس الفترة؛ إذ قفز المؤشر بنسبة +7.92% ربعيًّا، بقيادة قِطَع الأراضي التجارية التي صعدت بـ +8.57%، تلتها العمائر التجارية بنسبة +3.02%.
هذا الصعود يعكس انتعاش النشاط التجاري والاقتصادي في المملكة، خاصة في المدن الكبرى والمناطق الاقتصادية المستحدثة؛ مما عزَّز الطلب على الأراضي والمباني التجارية.
جدول مؤشر الأسعار حسب نوع العقار في الربع الثاني 2025
ما وراء الأرقام:
تحوُّل سياسي اقتصادي من أعلى المستويات:
توجيه ولي العهد الصادر بنهاية مارس 2025 يعكس توجُّه الدولة لضبط سوق العقار وربطها بالقدرة الشرائية للمواطن، خصوصًا بعد تجاوز أسعار الأراضي الحدود التي يمكن معها تحقيق مستهدفات التملُّك ضمن رؤية 2030.
مناطق التصحيح المبكر:
المناطق التي شهدت أكبر التراجعات هي المناطق الأقل كثافة أو ذات المخزون العقاري الكبير غير المستخدم؛ ما يجعلها أول مَن يتأثر بأي تصحيح في الطلب أو تدخّل تنظيمي.
أثر سلاسل الفائدة والإقراض:
تزامن هذا التراجع مع استقرار أسعار الفائدة نسبيًّا؛ مما يشير إلى أن التصحيح سببه الأساسي التنظيم والسياسات وليس فقط التشدد النقدي.
القطاع التجاري والفرص:
الارتفاع اللافت في العقارات التجارية يفتح فرصًا للمستثمرين، خصوصًا في المناطق المرتبطة بالمشاريع الكبرى أو المناطق الاقتصادية الخاصة.