سجّل القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية – بمفهومه الموسّع الذي يشمل أنشطة البناء والتشييد والأنشطة العقارية التقليدية – مساهمة قياسية في الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 166.4 مليار ريال خلال الربع الأول من عام 2025، بحسب بيانات رسمية حديثة صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء.
وتُمثل هذه القيمة أعلى مساهمة ربعية على الإطلاق للقطاع العقاري، مشكِّلة بذلك أكثر من 14% من إجمالي الناتج المحلي السعودي بالأسعار الجارية، في تأكيد على أن القطاع بات واحدًا من أعمدة الاقتصاد الوطني، إلى جانب النفط والصناعة والخدمات المالية.
جدول مساهمة القطاع العقاري بالناتج المحلي (مليار ريال)
الأنشطة العقارية
حقق قطاع الأنشطة العقارية – والتي تشمل الإيجارات السكنية والتجارية، وخدمات الوساطة والإدارة العقارية – 74.39 مليار ريال في الربع الأول من عام 2025، وهي أعلى مساهمة فصلية مسجّلة للقطاع على الإطلاق. ويشير هذا الرقم إلى تنامي الطلب على العقارات المؤجرة، وارتفاع قيم الإيجارات، وتوسع عمليات التشغيل وإدارة الأملاك.
البناء والتشييد
أما قطاع البناء والتشييد وحده فقد حقق 92.03 مليار ريال في الربع الأول من 2025، في ثاني أعلى رقم مسجّل بعد ذروة الربع الرابع من 2024. هذا الأداء يعكس الطفرة المستمرة في مشاريع البنية التحتية، وتوسّع البناء السكني واللوجستي والصناعي في مختلف مناطق المملكة؛ لا سيما ضمن رؤية 2030 ومبادرات الإسكان الكبرى.
عدة عوامل تفسّر هذا النمو الاستثنائي، أبرزها:
تسارع تنفيذ مشاريع الإسكان الضخمة مثل الضواحي السكنية في الرياض بدعم قوي من كبرى الشركات المؤثرة كشركة NHC"، ومجموعة "روشن"؛ ما يرفع الطلب على الإنشاءات.
زيادة الاستثمارات في البنية التحتية ضمن برامج التحول الوطني؛ ما ينعكس مباشرة في قطاع البناء.
نمو الطلب على الإيجار نتيجة توسع الأنشطة الاقتصادية وما يرافقها من تزايد القوى العاملة، واحتياج آلاف الأسر الجديدة للمسكن.
التوسُّع في العقارات التجارية واللوجستية بفضل نمو التجارة الإلكترونية والمدن الصناعية.
مقارنة سنوية: نمو بـ 37% في عام واحد
بالمقارنة مع الربع الأول من 2024، الذي سجّل فيه القطاع العقاري 154 مليار ريال، فإن الربع الأول من 2025 يمثل نموًّا بنحو 7.5% خلال عام واحد فقط.
هذا النمو السريع لا يعكس فقط تحسُّن السوق العقارية، بل أيضًا تأثير السياسات الحكومية في تمكين القطاع الخاص، وتيسير التمويل العقاري، وتسريع وتيرة التراخيص والاعتمادات.
قطاع يرسّخ مكانته كمكوّن أساسي للاقتصاد
إن تسجيل القطاع العقاري لمساهمة قياسية بهذا الحجم، يتجاوز كونه مجرد رقم اقتصادي، ليؤكد تحوّل العقار إلى محرّك أساسي للتنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل في السعودية.
وإذا استمر هذا الاتجاه في الأرباع المقبلة، فقد يُصبح القطاع العقاري – بمكوناته المتكاملة – ثاني أكبر قطاع غير نفطي في المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.