من المتوقع أن يعزز استثمار أكثر من 100 مليار دولار (نحو 375 مليار ريال سعودي) في أكبر حقل غاز صخري يجري تطويره في الشرق الأوسط على مستقبل العقارات في الأحساء بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
وقال رئيس شركة أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين حسن الناصر: "إن إجمالي استثمارات مشروع الجافورة الواقع في الأحساء يبلغ أكثر من 100 مليار دولار خلال الخمسة عشر عامًا المقبلة"، متوقعًا أن يُسهم بنحو 23 مليار دولار سنويًّا في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وأن تصل الطاقة الإنتاجية للجافورة إلى نحو 2 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًّا من غاز البيع بحلول عام 2030، وسيعزز مكانة المملكة كأحد أهم منتجي الغاز في العالم.
وأضاف في كلمته خلال أعمال منتدى الأحساء للاستثمار يوم الأربعاء الموافق 19 فبراير 2025: "إن الأحساء عريقة بتاريخها وأرضها الطيبة وأهلها الفضلاء، وهي جزء أصيل من تاريخ أرامكو السعودية" مؤكدًا أن أرامكو توسعت خلال السنوات الأخيرة في إطلاق مشاريع عملاقة ومبادرات نوعية تعزز فرص الاستثمار وتوليد فرص عمل في الأحساء، وتُسهم في زيادة الناتج المحلي وتنشيط الدورة الاقتصادية.
وفي هذا التقرير، سنتناول عدة زاوية حول كيفية تأثير استثمارات مشروع الجافورة على القطاع العقاري في الأحساء، من خلال زيادة الوظائف ذات الأجور العالية، تحسن المناخ الاستثماري، وارتفاع الطلب على العقارات السكنية والتجارية. كما سنناقش الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي ستطرأ على المنطقة، نتيجة لهذا المشروع الاستثماري الكبير.
زيادة الوظائف والأجور العالية
مع بدء تنفيذ مشروع الجافورة، من المتوقع أن يتم خلق مئات الآلاف من فرص العمل في مختلف التخصصات والقطاعات ذات الصلة. وسيوفر المشروع وظائف عديدة في مجالات الهندسة، والتقنية، والإدارة، والصيانة، والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة في القطاعات المساندة. هذه الوظائف ستتميز بالأجور العالية مقارنةً بمتوسط الأجور في المنطقة، وذلك بسبب طبيعة المشروع التي تتطلب مهارات وكفاءات فنية وتقنية متخصصة.
تأثير ذلك على قطاع العقار في الأحساء: مع زيادة دخول الأفراد بسبب هذه الوظائف ذات الأجور المرتفعة، سيزداد الطلب على المساكن بشكل ملحوظ. خاصة أن معظم هذه الوظائف ستستقطب الموظفين والعمالة من خارج الأحساء، مما سيؤدي إلى تحسن القدرة الشرائية للأسر في المنطقة. هذا التحسن في القدرة على شراء المنازل سيؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية في الأحساء، سواء من خلال الشراء المباشر أو من خلال القروض العقارية المدعومة من البنوك.
الزيادة في متوسط دخل الأسر سيؤدي أيضًا إلى تحسين مستوى المعيشة، وزيادة التوجه نحو المناطق السكنية الراقية، مع التركيز على المجمعات السكنية المتكاملة التي تضم جميع الخدمات الضرورية مثل المدارس، المراكز التجارية، والمرافق الصحية. هذا التحول سيخلق فرصًا جديدة للمستثمرين في تطوير مشاريع سكنية وتجارية تلبي احتياجات الفئة المتوسطة والمرتفعة الدخل.
تحسُّن المناخ الاستثماري والاقتصادي
أحد العوامل الحاسمة في التأثير على قطاع العقار هو المناخ الاستثماري في المنطقة. مع ضخ الاستثمارات الضخمة من شركة أرامكو في مشروع الجافورة، ستتحسن البنية التحتية للأحساء بشكل ملحوظ، بما في ذلك الطرق، والمرافق العامة، والاتصالات، وخدمات المياه والكهرباء. هذا التحسُّن سيساهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين.
انعكاس ذلك على قطاع العقار: تحسين البنية التحتية سيؤدي إلى زيادة الطلب على الأراضي والعقارات في المنطقة، حيث ستصبح الأحساء وجهة مرغوبة للاستثمار العقاري. المستثمرون سيعمدون إلى بناء مشاريع سكنية وتجارية جديدة، تلبية لزيادة السكان وتحسُّن قدرة الأسر على شراء أو استئجار العقارات. ومن المتوقع أن يشهد قطاع تأجير العقارات في الأحساء نموًّا ملحوظًا، سواء على مستوى الشقق السكنية أو العقارات التجارية، حيث سيزداد الطلب من قبل العاملين في المشروع والقطاعات المرتبطة به.
تأثير على العقارات التجارية والتجزئة
أحد القطاعات التي ستستفيد بشكل كبير من مشروع الجافورة هو قطاع العقارات التجارية. مع إنشاء البنية التحتية الحديثة، من المتوقع أن يتزايد الطلب على المساحات التجارية، خاصة في المدن القريبة من موقع المشروع. وستكون هناك حاجة إلى مراكز تجارية، ومكاتب، ومحلات تجزئة، بالإضافة إلى الفنادق والمرافق السياحية، لتلبية احتياجات العمال والمهندسين والموظفين من خارج الأحساء.
انعكاسات ذلك: ستشهد الأحساء تحولًا ملحوظًا في استخدام الأراضي التجارية، مما سيخلق فرصًا جديدة للمستثمرين في قطاع البيع بالتجزئة والمطاعم والخدمات. علاوة على ذلك، سيكون هناك تزايد في إنشاء الفنادق الفاخرة والمرافق الترفيهية، لتلبية احتياجات الوفود الزائرة والمستثمرين الذين سيأتون إلى المنطقة لأغراض العمل أو السياحة. هذا من شأنه أن يرفع مستوى النمو العقاري في القطاع التجاري بالأحساء.
التحولات في سوق تأجير العقارات
من المتوقع أن تشهد سوق تأجير العقارات في الأحساء تغييرات كبيرة نتيجة لمشروع الجافورة. بما أن العديد من العاملين في المشروع سيعمدون إلى استئجار المنازل أو الشقق السكنية بسبب تواجدهم المؤقت في المنطقة، ستشهد السوق زيادة في الطلب على الوحدات السكنية المعدة للإيجار.
تأثير ذلك على القطاع العقاري: زيادة الطلب على الوحدات السكنية المعدة للإيجار ستؤدي إلى ارتفاع الإيجارات، خاصة في المناطق القريبة من المشروع. من جهة أخرى، سيتجه المستثمرون إلى تطوير مشاريع سكنية خاصة بعقارات الإيجار طويل الأمد، بهدف تلبية احتياجات هذه الفئة من المستأجرين. في المقابل، ستشهد السوق العقارية بعض التحديات في حال لم يتم توفير كميات كافية من الوحدات السكنية المؤجرة، ما قد يؤدي إلى زيادة في الأسعار بشكل يفوق طاقة بعض الأسر.
التأثير على قطاع بيع العقارات السكنية
من المتوقع أن تشهد سوق بيع العقارات السكنية في الأحساء انتعاشًا كبيرًا نتيجة لهذا المشروع الضخم. وسيؤدي تحسين القدرة الشرائية للأسر وزيادة دخلها إلى رغبتها في تملك العقارات. من جانب آخر، تزايد أعداد السكان والعاملين في المشروع سيزيد الطلب على المنازل الجديدة.
تأثير ذلك: الارتفاع الكبير في الطلب على العقارات السكنية سيؤدي إلى زيادة أسعار العقارات في المنطقة، مما سيحسن العوائد للمستثمرين في القطاع العقاري. كما ستتاح للمطورين العقاريين الفرصة لتطوير مشاريع جديدة، تشمل الفلل والشقق السكنية بأسعار متنوعة لتلبية احتياجات مختلف الفئات من السكان.
التحديات والفرص المستقبلية
رغم الفرص الكبيرة التي سيخلقها مشروع الجافورة في قطاع العقار في الأحساء، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه السوق العقارية، مثل ارتفاع الأسعار بشكل غير مستدام، مما قد يؤدي إلى تحميل الأسر من ذوي الدخل المتوسط عبئًا كبيرًا عند شراء أو استئجار المنازل.
إضافة إلى ذلك، سيكون من الضروري العمل على توفير بنية تحتية متكاملة لتلبية احتياجات السكان الجدد والمستثمرين، بما في ذلك تطوير خدمات النقل العامة، والتعليم، والرعاية الصحية، لضمان أن الأحساء تظل بيئة جذابة للعيش والعمل.
خاتمة
من الواضح أن مشروع الجافورة سيحدث تغييرات جذرية في الأحساء، وسيترك آثارًا واضحة على العديد من القطاعات الاقتصادية، لا سيما القطاع العقاري. مع ضخ الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والغاز الطبيعي، فإن الأحساء ستتحول إلى مركز اقتصادي حيوي وجاذب للمستثمرين، مما سيؤدي إلى طفرة في الطلب على العقارات السكنية والتجارية، فضلًا عن تحسين مستوى المعيشة في المنطقة. ومع ذلك، يجب أن يتخذ المطورون العقاريون خطوات مدروسة لتجنب التضخم المفرط للأسعار وضمان توافر بيئة متوازنة وشاملة لجميع فئات المجتمع.
