أكدت الأرقام والتصريحات المصاحبة لإقرار الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2026 في المملكة العربية السعودية، استمرار الحكومة في نهج الإنفاق التوسعي الإستراتيجي، الذي يهدف إلى تحقيق مستهدفات رؤية 2030 والانتقال إلى مرحلة "تعظيم الأثر".
وتشير التحليلات إلى أن القطاع العقاري سيكون من أبرز المستفيدين من هذا التوجّه، خصوصًا في ظل الزخم غير المسبوق لنمو المشاريع الكبرى، والتحوُّلات الهيكلية في الاقتصاد الوطني.
الإنفاق التوسُّعي: محرّك رئيسيّ للطلب العقاريّ
كشف وزير المالية، محمد بن عبد الله الجدعان، أن الإنفاق الإجمالي المتوقع لعام 2026 سيبلغ نحو 1.3 تريليون ريال، مع استمرار التركيز على الخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، الخدمات الاجتماعية، والخدمات البلدية؛ حيث سيصل إنفاق هذه القطاعات إلى 533 مليار ريال.
ويُعدُّ هذا الإنفاق المرتفع على الخدمات والبنية التحتية ـ بما في ذلك الطرق، المطارات، والخدمات البلدية ـ محفزًا قويًّا للسكن والاستثمار، ويرفع قيمة الأصول العقارية في المدن والمناطق المستهدفة بالتطوير.
وأوضح الوزير أن العجز المستهدف في الميزانية يُعدُّ "عجزًا إستراتيجيًًا"؛ إذ يعتمد على أن العائد من هذا الإنفاق أعلى من تكلفة الاقتراض؛ مما يضمن استمرارية المشاريع ذات الأثر الاقتصادي الطويل، بما في ذلك المشاريع العقارية الضخمة.
جدول مخصصات الانفاق على المشاريع وتأثيرها على العقار
انعكاسات إيجابية على سوق الإسكان والعقارات
على الرغم من عدم الإشارة المباشرة إلى القطاع العقاري ضمن الأرقام الكلية، فإن عدة مؤشرات تؤكد دعمه القوي:
• رسوم الأراضي البيضاء: سيتم توجيه إيرادات هذه الرسوم بالكامل لتطوير قطاع الإسكان وتوفير المنتجات ودعم المواطنين؛ ما يُعزز المعروض العقاري وينظّم السوق.
• نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة: ارتفع عدد المنشآت من 500 ألف إلى 1.7 مليون؛ ما وفَّر نحو 1.2 مليون فرصة عمل، وهو ما يخلق طلبًا متزايدًا على العقارات التجارية والمكتبية؛ لتلبية احتياجات الشركات الجديدة، وكذلك على العقارات السكنية لاستيعاب الأفراد وعائلاتهم.
"تعظيم الأثر": مرحلة جديدة للاستثمار العقاري
أشار الوزير إلى أن العام المقبل يمثِّل بداية "مرحلة تعظيم الأثر" ضمن رحلة رؤية 2030، حيث سيبدأ مردود النفقات الحالية في الظهور.
- ثقة المستثمرين: تؤكد الميزانية على تحوُّلاتٍ هيكليةٍ ضخمة، أبرزها ارتفاع نسبة الاستثمار الخاص إلى نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما يعكس ثقة كبيرة من المستثمرين في الاقتصاد السعودي، وهو محفز أساسي لتطوير المشاريع العقارية الكبرى والمتوسطة.
- تزايد الإيرادات غير النفطية: من المتوقع استمرار نمو الإيرادات غير النفطية؛ ما يقلل حساسية الميزانية لتقلبات أسعار النفط، ويعزّز الاستدامة المالية طويلة الأمد، وهو عامل إيجابي للاستثمار العقاري الذي يحتاج إلى آفاقٍ طويلة.
إن استمرار الإنفاق التوسُّعي في ميزانية 2026، والتركيز على البنية التحتية والخدمات، مع توجيه إيرادات الأراضي البيضاء مباشرة للإسكان، يُعزّز مكانة القطاع العقاري كركيزةٍ رئيسيةٍ لتحويل مرحلة "تعظيم الأثر" إلى واقعٍ ملموسٍ على صعيد التنمية العمرانية والاقتصادية في المملكة.