
شهدت سوق الإيجارات السكنية في مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، قفزة نوعية خلال عام 2024؛ حيث ارتفعت قيمة صفقات الإيجار إلى نحو 22.99 مليار ريال سعودي، مقارنةً بـ 15.98 مليار ريال في عام 2023، مسجلةً بذلك نموًّا سنويًّا لافتًا بنسبة 44%؛ ما يعكس زخمًا غير مسبوقٍ في الطلب على العقارات السكنية وسط ديناميكيات ديموغرافية واقتصادية متسارعة.
جدول إيجارات العقارات السكنية في الرياض لعام 2024
هذا الارتفاع اللافت في حجم السوق الإيجارية يعكس مزيجًا من العوامل، من أبرزها الزيادة السكانية السريعة، والتوسّع الحضري المدفوع بمشاريع "رؤية 2030"، إلى جانب ارتفاع تكاليف التملك؛ الأمر الذي دفع أعدادًا متزايدة من السكان إلى التوجُّه نحو الإيجار كخيارٍ مرنٍ وواقعي، خاصة في ظل دخول شرائح جديدة من الوافدين والمواطنين إلى سوق العمل والسكن.
ووفق بيانات الهيئة العام للعقار، ارتفع متوسط أسعار إيجار الفيلا السكنية في الربع الرابع من عام 2024 بنسبة 14.55% مقارنةً بنفس الربع من عام 2023، كما ارتفع متوسط سعر إيجار الشقة السكنية بنسبة 20.36%، ومتوسط سعر إيجار الدور السكني بنسبة 16.55%، ومتوسط سعر إيجار استيديو بنسبة 19.4%، ومتوسط سعر إيجار شقة دوبلاكس بنسبة 14.20%.
جدول مقارنة متوسط أسعار الإيجارات (ريال)
الفلل السكنية: رغبة في الخصوصية
ارتفع متوسط أسعار إيجار الفلل إلى نحو 95 ألف ريال في الربع الرابع من 2024، مقارنةً بمتوسط 83 ألف ريال لنفس الربع من عام 2023، وبنسبة نمو 14.55%، بدافع زيادة الطلب من شريحة الأسر السعودية الباحثة عن مساحات أكبر وخصوصية أعلى.
وتمثل الفلل خيارًا مفضلًا للأسر متوسطة وعالية الدخل، خاصةً في أحياء مثل النرجس وحطين، مع توسع مشاريع الضواحي التي توفر بنية تحتية حديثة. ويأتي هذا التوجه مدعومًا بتنامي الوعي بأهمية جودة المعيشة، وزيادة الإنفاق على السكن ضمن أنماط استهلاك الأسر السعودية.
الشقق السكنية: البديل الاقتصادي الأسرع نموًّا
سجّلت الشقق السكنية أعلى نسبة ارتفاع بين جميع الأنواع، بلغت 20.36%؛ ما يعكس تحوُّلًا كبيرًا في نمط السكن، خاصة لدى فئة الشباب والعائلات الصغيرة. ويُعزى هذا الطلب إلى محدودية القدرة الشرائية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة؛ مما يدفع الكثيرين إلى خيار الإيجار بدلًا من التملك. كما أن تمركز الشقق في مناطق حيوية قريبة من مراكز الأعمال والخدمات مثل حي العقيق والملقا جعلها أكثر استقطابًا، خاصة للعاملين في القطاعَين المالي والتقني. وتشير التوجهات المستقبلية إلى استمرار توسُّع المطوّرين في بناء مجمَّعات سكنية عمودية تلائم هذا النوع من الطلب المرتفع.
الدور السكني.. الحل المتوازن للأسر الممتدة
ارتفع متوسط إيجار الدور السكني بنسبة 16.55%؛ نتيجة ارتفاع الطلب من قِبَل الأسر الممتدة التي تبحث عن حلٍّ سكنيٍّ يجمع بين المساحة والاستقلالية دون كلفة الفيلا الكاملة. ويُعدُّ هذا النوع من السكن خيارًا شائعًا في أحياء الرياض الجنوبية والشرقية؛ حيث تنتشر المباني المكوّنة من عدة أدوار. ويشير ارتفاع الطلب إلى بقاء هذا النمط جزءًا مهمًّا من الثقافة السكنية المحلية، مع توجُّه السوق إلى تطوير هذا النوع بشكلٍ أكثر تنظيمًا في المجمعات شبه المستقلة.
الاستوديوهات: وجهة الشباب والعاملين الجُدد
شهدت الاستوديوهات ارتفاعًا بنسبة 19.4% في أسعار الإيجار، في ظل الطلب المتزايد من قِبَل المهنيين الشباب والعاملين الوافدين في قطاعات مثل التكنولوجيا، التعليم، والصحة. ويُفضّل هذا النوع من الوحدات مَن يبحثون عن تكلفة منخفضة وموقع مركزي، دون الحاجة إلى مساحاتٍ كبيرة. وقد أدى ذلك إلى تطوير العديد من المباني الحديثة التي تضم وحدات استوديو صغيرة لكنها مجهَّزة، خاصة في مناطق مثل العليا والربوة. ويُتوقع أن يستمر هذا التوجُّه مع ارتفاع عدد السكان العاملين من فئة الأفراد في العاصمة.
شقق الدوبلكس.. فخامة متعددة الطوابق للطبقة المتوسطة والعليا
أما شقق الدوبلكس فقد شهدت ارتفاعًا بنسبة 14.20%؛ نتيجة الإقبال المتزايد من الأسر التي تبحث عن مساحة أكبر ومرونة في الاستخدام، ضمن بيئةٍ حضريةٍ حديثة. وتعتبر الدوبلكسات حلًّا وسطًا بين الشقة والفيلا، إذ توفر مستويَين من المساحة دون الحاجة إلى قطعة أرض مستقلة. وقد انتشرت هذه الوحدات في مشاريع تطوير جديدة مثل "واجهة الرياض" و"ضاحية النرجس"، وهي تستهدف فئة ذات دخلٍ أعلى قليلًا من المعدل، تبحث عن سكن أنيق بدون أعباء مالية كبيرة. ويبدو أن السوق ستشهد تناميًا في تطوير هذا النوع من الوحدات خلال الأعوام القادمة.
وتكشف بيانات 2024 عن سوق إيجار نشطة في الرياض، مدفوعة بالتحولات السكانية والاقتصادية التي تعيد تشكيل ملامح العاصمة. بينما توفر الأرقام فرصًا واعدة للمستثمرين والمطورين.