واصل المشهد العقاري الديناميكي في المملكة العربية السعودية نموَّه خلال الربع الثالث من عام 2025، مدفوعًا بتأثير التحوُّل النوعيّ لرؤية 2030. جاء ذلك في أحدث تقريرٍ لشركة "جيه إل إل" عن ديناميكيات السوق، والذي كشف عن قوة القطاع الشاملة وتطوُّره الإستراتيجي.
وأشار التقرير إلى أن قطاع الضيافة تحدَّى موسم انخفاض أعداد الزوَّار؛ حيث بلغ معدل الإشغال في جميع أنحاء المملكة 60.5%، بزيادةٍ قدرها 1.4 نقطة مئوية، مدفوعًا باستقبال 14.3 مليون زائر دولي في النصف الأول من عام 2025، وجذبَ برنامج "صيف السعودية" أكثر من 32 مليون سائح، بزيادةٍ تُقدَّر بنحو 26% على أساس سنويّ، وحققت إيجارات المناطق الصناعية أداءً قويًّا؛ حيث تصدَّرت الرياض قائمة المدن الأكثر نموًّا بنسبة 10.5% سنويًّا؛ لا سيما في طيبة (+21.7%)، ومدينة الفوزان الصناعية (+20.0%). وشهدت جدة أيضًا نموًّا بنسبة 6.6%، وبلغ سعر المتر المربع في ميناء جدة الإسلامي 470 ريالًا. واستمرت معدَّلات الإشغال المرتفعة في الأسواق الرئيسية، بما في ذلك الرياض بنسبة 90%، وجدة بنسبة 91%، وحاضرة الدمام الكبرى بنسبة 85%.
وشهدت سوق المكاتب الرئيسية في الرياض انكماشًا استثنائيًّا؛ حيث لم يتجاوز معدل الشواغر 0.5%؛ ما أدى إلى ارتفاع حادٍّ في الإيجارات. وارتفعت المساحات الرئيسية في مركز الملك عبد الله المالي (KAFD) بنسبة 11.1% سنويًّا لتصل إلى 3,630 ريالًا للمتر المربع، وارتفعت إيجارات المكاتب من الفئة "أ" في الرياض بنسبة 9.5% على أساس سنوي. وبلغ معدل الشواغر من الفئة "أ" في جدة 4.9%. وشهد قطاع التجزئة حفاظ مراكز التسوق الكبرى في الرياض على معدل شواغر منخفض بلغ 2.5%، بما يواكب التطورات السياحية والمشاريع التي تركز على التجارب المميزة. واستمر الزخم السكني؛ حيث سجّلت الرياض 6,140 عملية بيع، ونموًّا في أسعار الشقق بنسبة 10.3% (6,501 ريال/ متر مربع)، وزيادات ملحوظة في الإيجارات (الشقق +19.6% سنويًّا، والفلل +17.2%). وسجلت جدة 3,228 عملية بيع، مع ارتفاع أسعار الفلل بنسبة 3.1% (6,668 ريالًا /متر مربع)، على الرغم من انخفاض أسعار الشقق بنسبة 2.8%.
وأوضح التقرير أنه في ظل هذا الأداء القوي للسوق، من المتوقع أن تُحدِث موجة جديدة من التغييرات التنظيمية تأثيرًا كبيرًا على ديناميكيات سوق العقارات. ففي الرياض، يُطبق تجميد الإيجارات لمدة خمس سنوات على عقود الإيجار السكنية والتجارية المجددة والشاغرة؛ ما يُعيد الإيجارات إلى آخر قيمة مسجلة لها. ومن المتوقع أن يُسهم هذا الإجراء في استقرار تكاليف المعيشة والحد من ارتفاع الإيجارات المتسم بطابع المضاربة، مما قد يحوّل تركيز الاستثمار نحو الأصول العقارية المتميزة طويلة الأجل والتطوير العقاري بدلًا من مكاسب الإيجار قصيرة الأجل. وفي الوقت نفسه، تُوسّع تعديلات قانون ضريبة الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة نطاق الضريبة على مستوى البلاد لتشمل المباني الشاغرة طويلة الأجل (ما عدا الأراضي غير المطورة)، مع رسوم متدرجة تصل إلى 10% للعقارات التي تزيد مساحتها على 5000 متر مربع. ويهدف هذا إلى تحرير الأراضي الخاملة، وتسريع التطوير العقاري، وتعزيز المعروض من الأراضي المطوَّرة والإسكان بشكل كبير في جميع أنحاء المملكة.
وفي هذا السياق، قال سعود السليماني، المدير الإقليمي ورئيس أسواق المال في شركة "جيه إل إل" السعودية: "نشهد توجهًا واضحًا نحو الجودة والابتكار في جميع القطاعات، بدءًا من قدرة سوق الضيافة على جذب أعداد قياسية من الزوار الدوليين وتحدي الظروف الموسمية، وصولًا إلى النمو المستمر في الإيجارات الصناعية، وتقلص سوق المكاتب نتيجة لتوسّعات الشركات. وتسهم هذه البيئة بشكلٍ فعّال في رسم ملامح مستقبل يلعب فيه قطاع العقارات دورًا محوريًّا في تنويع اقتصاد المملكة، بما يُرسي معايير جديدة للريادة الإقليمية والعالمية".
وفي إطار رؤية 2030، تُعدُّ سوق العقارات في المملكة العربية السعودية محركًا محوريًّا للنمو، وتشهد تحوُّلاتٍ إستراتيجية. ويستهدف النمو الصناعي التصنيع القائم على التصدير والمرافق المتخصصة. وتُعزّز التوسعات في قطاعَي التكنولوجيا والمالية في الرياض الطلب القوي على المكاتب، مع إعطاء الأولوية للاستدامة والربط بشبكة المترو. ويشهد قطاع التجزئة تطورًا من خلال مفاهيم قائمة على التجارب والشراكات الإستراتيجية. وإلى جانب استضافة فعاليات كبرى مثل إكسبو 2030 وفيفا 2034، والمشاريع العملاقة مثل نيوم والدرعية، ستدفع هذه التطورات عجلة التوسُّع والابتكار؛ ما يُعزز مكانة المملكة كقوةٍ عالميةٍ في قطاع العقارات.
