شهد المعرض الدولي للبناء "بيلدكس 2025"، الذي انطلقت فعالياته في مدينة المعارض بدمشق، مشاركةً سعوديةً نوعيةً تُعدُّ من أبرز ملامح الدورة الحالية، في ظل بيئةٍ استثماريةٍ سوريةٍ جديدةٍ تتسم بالتسهيلات والحوافز، عقب التقدُّم الحاصل على صعيد رفع العقوبات الاقتصادية.
وتأتي هذه المشاركة في توقيتٍ إستراتيجي، مع بدء سوريا مرحلة إعادة الإعمار؛ حيث تسعى الشركات السعودية للدخول إلى السوق السورية، وتقديم أحدث ما توصلت إليه من تقنياتٍ في قطاعات البناء، الطاقة، الخدمات اللوجستية، والكابلات، ضمن إطار رؤيةٍ متكاملةٍ تستهدف البنية التحتية، والعقارات والاستثمار طويل الأمد.
فرص حقيقية في بنيةٍ تحتيةٍ متعطشة للتطوير
أكد عددٌ من ممثلي الشركات السعودية لـ"بروبرتي ميدل إيست" أن وجودهم في بيلدكس يعكس رغبةً جدِّيَّةً في الدخول إلى السوق السورية، واغتنام الفرص الناشئة في ظل تسهيلاتٍ حكوميةٍ غير مسبوقة، تشمل الإعفاءات الضريبية، وإعادة تفعيل النظام المصرفي العالمي "سويفت"، إضافة إلى بيئةٍ قانونيةٍ أكثر مرونة.
من جهته، أوضح المهندس مصباح رجب، المدير العام للمقاولات في مجموعة "كفاءة التشغيل"، أن الشركة متخصصة في تنفيذ مشاريع ضخمة كالمطارات والمولات والنوادي الرياضية، وتسعى حاليًّا لتوقيع عقودٍ مع الجهات الحكومية والخاصة في سوريا؛ للمساهمة في إعادة الإعمار، ضمن خُططٍ توسُّعيةٍ تعكس شراكاتٍ نوعيةٍ مع مؤسساتٍ صينيةٍ عملاقة.
أما شركة EXA للسيراميك، فقد أكدت عبر مدير مبيعاتها، بشار بدير، أن منتجاتها من أفضل الأنواع المستخدمة في الشرق الأوسط، وتطمح لتلبية احتياجات السوق السورية في الإكساء الداخلي والخارجي ضمن رؤية تطوير عمراني تتسم بالحداثة.
البنية التحتية أولوية مشتركة
من جهةٍ أخرى، أشار السيد أحمد حمادة، مدير التسويق في شركة "الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة "مسك"، إلى أن دمشق باتت وجهةً استثماريةً محتملةً بعد رفع العقوبات، لافتًا إلى أن الشركة تطمح لتكرار نماذج النجاح التي حققتها في مشاريع عملاقة داخل المملكة، مثل "مترو الرياض" و"القدية" و"البحر الأحمر"، ومشروع المسار الرياضي، ومشروع حديقة الملك سلمان.
وفي ذات السياق، تحدث السيد براق عبد الوهاب، مدير عمليات التلحيم الأوتوماتيكي في شركة "أساسيات الوطنية"، عن حاجة سوريا إلى خدمات حفر وصيانة الآبار النفطية، مؤكدًا استعداد الشركة لتقديم حلولٍ متكاملةٍ في مجالات المعدات الثقيلة والخدمات البترولية.
حلول مبتكرة للبناء المستدام
في جانب الابتكار، قدم أحمد إيبو، مدير التسويق في شركة "بلوك لوشين"، نموذجًا مختلفًا لحلول البناء من خلال "البلوك البلاستيكي المُعاد تدويره"، الذي يوفر حلولًا صديقةً للبيئة، وفعَّالة من حيث التكلفة وسرعة التنفيذ؛ ما يجعله خيارًا واعدًا في مرحلة إعادة الإعمار السكني والتجاري.
الحدث في أبعاده الإستراتيجية
حضر افتتاح المعرض عددٌ من كبار المسؤولين السوريين والسفراء وممثلي الهيئات الدبلوماسية، في إشارة إلى حجم الرهان على "بيلدكس 2025" كمنصةٍ أساسيةٍ لدخول رأس المال العربي والدولي إلى السوق السورية.
وأكد وزير الداخلية، خلال مؤتمر صحفي، أن الحضور الواسع للشركات المشاركة؛ لا سيما من المملكة العربية السعودية، يعكس ثقةً متزايدةً بالاستقرار الأمني والاقتصادي في سوريا، ويُعدُّ مؤشرًا على تحوُّل البلاد إلى وجهةٍ استثماريةٍ جاذبة.
من جانبه، وصف نائب وزير الاقتصاد توقيت إقامة المعرض بـ"المثالي"؛ لكونه يتزامن مع بدايات الانفتاح الاقتصادي، وإعادة تفعيل قنوات الاستثمار الدولي، مشيرًا إلى أن هذه المرحلة تشكِّل فرصةً حقيقيةً أمام رؤوس الأموال الراغبة في الدخول إلى السوق السورية.
منصة جذب استثماري بامتياز
يُشارك في المعرض 740 شركة، منها 250 شركةً عربيةً ودوليةً، تغطي طيفًا واسعًا من القطاعات المرتبطة بالإعمار، بدءًا من مواد البناء والتشييد، مرورًا بالطاقة وتقنيات المياه، وانتهاءً بالمفروشات والتطوير العقاري. ويُعدُّ "بيلدكس"، اليوم، أحد أبرز المعارض المتخصِّصة في المنطقة، ومؤشرًا قويًّا على دخول سوريا في مرحلةٍ استثماريةٍ جديدة.
