وقَّعت السعودية وسوريا 47 مذكّرة تفاهم استثماري خلال المنتدى الاستثماري السوري السعودي المشترك 2025، الذي عُقد في العاصمة السورية دمشق، بمشاركة كبار المسؤولين الحكوميين ووفدٍ سعوديٍّ رفيعٍ ضم نحو 120 من رجال الأعمال والمستثمرين.
ويهدف التعاون الجديد إلى ضخ استثماراتٍ سعوديةٍ في سوريا تصل قيمتها إلى 24 مليار ريال سعودي، في مجالاتٍ متنوعةٍ تشمل الصناعة، الطاقة، البنية التحتية، التطوير العقاري، والتقنيات المالية.
وقد حضر المنتدى الرئيس السوري، أحمد الشرع، إلى جانب عددٍ من كبار المسؤولين السوريين، فيما ترأس الوفد السعودي وزير الاستثمار خالد الفالح.
واستحوذ القطاع العقاري على النصيب الأكبر من هذه الاتفاقيات؛ حيث أوضح الفالح في كلمته خلال المنتدى أنه من المتوقع أن تصل قيمة استثمارات قطاع التطوير العقاري والبنية التحتية إلى 11 مليار ريال سعودي، مضيفًا إن الاتفاقات تتضمن أيضًا إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمنت في إطار تعزيز قطاع البنية التحتية بسوريا.
مشاريع عقارية كبرى
من بين أبرز الاتفاقيات في القطاع العقاري التي تمَّ الإعلان عنها، توقيع اتفاقية بين شركة "بيت الإباء" السعودية مع محافظة حمص؛ لبناء مشروعٍ سكنيٍّ تجاريٍّ في مدينة حمص، والذي تُقدَّر تكلفته بمليارات الريالات، وسيتم تخصيص عوائده لدعم المجتمع السوري.
كما تمَّ توقيع اتفاقيات مع شركات عقارية سعودية بارزة مثل "شركة العوالي العقارية"، و"شركة زود العقارية"، لإنشاء مشاريع سكنية وتجارية بالتعاون مع وزارة الإسكان السورية.
خُطط إعادة الإعمار في سوريا
في كلمته خلال المنتدى الاستثماري السوري السعودي، أكد معاون محافظ دمشق أن هناك خُططًا استثمارية طموحة تمّ تطويرها في ثلاثة مسارات رئيسية: المناطق المتضررة، والمناطق المنظمة، والمناطق الجاهزة للبناء.
وأوضح أن هذه الخُطط تشمل إعادة إعمار المناطق المدمرة، بالإضافة إلى بناء منشآت سياحية وأبراج دمشق في منطقة البرامكة بتكلفة تُقدَّر بـ 400 مليون دولار، وهي ناطحات سحاب ستعزز مشهد العاصمة.
وتشمل الخُطط أيضًا إقامة مدينة ثقافية بتكلفة 300 مليون دولار، ومدينة طبية في ضاحية قدسيا بتكلفة 900 مليون دولار، فضلًا عن إنشاء مدينة ترفيهية في منطقة العدوي بتكلفة تصل إلى 500 مليون دولار.
إعادة تأهيل المطارات
من جانبه أشار رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، عمر الحصري، إلى ضرورة إعادة تأهيل قطاع الطيران في سوريا، الذي يعاني من تدهور كبير؛ حيث أعلن عن خُططٍ لتوسيع مطار دمشق الدولي ليتسع لـ30 مليون مسافر سنويًّا، بالإضافة إلى تأهيل مطار حلب الدولي؛ ليتمكّن من استيعاب مليوني مسافر سنويًّا.
خط مترو دمشق
ومن بين المشاريع الاستثمارية المزمع تنفيذها في العاصمة دمشق، يبرز مشروع إنشاء خط مترو دمشق، الذي يمتد على طول 17 كيلو مترًا من شرق العاصمة إلى غربها.
وسيتخلل هذا المشروع العديد من المرافق التجارية التي تشمل مطاعم ومقاهي، وتُقدَّر التكلفة الإجمالية للمشروع بحوالي 2 مليار دولار.
تعزيز التعاون الاقتصادي
وفي إطار تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدَين، أكد خالد الفالح وزير الاستثمار السعودي، أن المملكة حريصة على تعزيز شراكاتها مع سوريا في مجالاتٍ متعددة، بما في ذلك الطاقة، العقارات، الصناعة، البنية التحتية، الخدمات المالية، الصحة، والزراعة.
وأعلن عن خطوات لتأسيس "مجلس أعمال سعودي سوري" برعاية ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ بهدف تعزيز التعاون بين رجال الأعمال في البلدَين وتوسيع المشاريع المشتركة.
ودعا الفالح المستثمرين السوريين إلى زيارة المملكة، والبحث عن فرصٍ استثماريةٍ جديدةٍ في مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أن الاستثمارات السورية في المملكة تتجاوز 10 مليارات ريال سعودي، وهو ما يعكس عمق الروابط الاقتصادية بين الشعبين.
مشروع برج الجوهرة في دمشق
وفي خطوةٍ موازية، قام الوزير السعودي خالد الفالح بوضع حجر الأساس لمشروع "برج الجوهرة" في دمشق، الذي يُعدُّ من أكبر المشاريع العقارية في سوريا.
تكلفة المشروع تتجاوز 375 مليون ريال سعودي، ويشمل مكاتب إدارية، وحدات فندقية، ومرافق تجارية على مساحة تفوق 25 ألف متر مربع.
وتمثل هذه الاتفاقيات خطوةً كبيرةً نحو تعزيز التعاون الاستثماري بين السعودية وسوريا في مجالات متعددة؛ لا سيما في قطاع العقارات، الذي يُعدُّ أحد الركائز الأساسية لإعادة الإعمار والتنمية في سوريا، ومن المتوقع أن تحفز هذه المشاريع النمو الاقتصادي، وتفتح آفاقًا جديدة للشراكات الإستراتيجية بين البلدَين.
