انطلقت فعاليات اليوم الأول من معرض (IPS 2025) بدبي، بجلسات نقاشية رفيعة المستوى وعروض تقديمية سلَّطت الضوء على أحدث التوجّهات في القطاع العقاري العالمي، من دمج الاستدامة والتقنيات الحديثة، إلى فتح آفاقٍ جديدةٍ للمستثمرين في الأسواق الناشئة، وحلولٍ مبتكرةٍ مثل منصات الاستثمار الجزئي، وشارك في الفعاليات نخبة من قادة القطاع العقاري وخبرائه من مختلف أنحاء العالم، الذين ناقشوا التحديات والفرص في رسم ملامح مستقبل البنية التحتية الحضرية، وسبل تطوير نماذج استثمارية أكثر مرونة وشمولية في بيئةٍ عالميةٍ سريعة التغيّر.
وبدأت جلسات اليوم الأول بجلسةٍ تحت عنوان "خارطة طريق لمستقبل القطاع العقاري وتحوُّل المدن في دبي"، شارك فيها ماجد المري، المدير التنفيذي لقطاع التسجيل العقاري، بدائرة الأراضي والأملاك في دبي ورئيس اللجنة المنظمة لمعرض IPS ، والذي أكد على أن السوق العقارية في دبي تسير بخُطى ثابتةٍ نحو تحقيق أهداف إستراتيجية القطاع العقاري 2033 والتي تمَّ إطلاقها في أكتوبر 2024، من خلال مؤشراتٍ قويةٍ تؤكد نموه واستقراره، ولفت إلى الأداء الاستثنائي للقطاع العقاري في دبي خلال عام 2024؛ حيث سجَّل معاملاتٍ بلغت قيمتها 761 مليار درهم في 2024، بزيادة 36% مقارنةً بعام 2023. كما استعرض أبرز المبادرات التي أطلقتها الدائرة لتحقيق أهداف إستراتيجية 2033 والتي ستشمل 30 مبادرة، ومنها مؤشر الإيجارات الذكي، ومبادرة ريس، والترميز العقاري، كما نقلته صحيفة "الاتحاد".
وأضاف داوود الشيزاوي، رئيس معرض IPS: "يُعدُّ معرض IPS منصة إستراتيجية تواكب بشكلٍ مباشرٍ أهداف إستراتيجية دبي العقارية 2033، من خلال مساهمته الفعلية في خلق بيئةٍ استثماريةٍ متكاملةٍ تُعزز الشفافية، وتدعم الابتكار، وتحقق التوازن بين العرض والطلب، نعمل سنويًّا على استقطاب أبرز المطوِّرين المحليين والعالميين، والجهات الحكومية، والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، ويجمع المعرض هذا العام أكثر من 300 من نخبة المطورين العقاريين محليًّا وعالميًّا".
وأفاد الشيزاوي قائلًا: "يسهم معرض IPS في تحقيق محاور إستراتيجية 2033 عبر تمكين التواصل المباشر بين جميع الأطراف في المنظومة العقارية، وتوفير مساحاتٍ للنقاش وتبادل المعرفة من خلال المؤتمرات والجلسات الحوارية التي تواكب أحدث التوجهات العالمية. نحن فخورون بأن يكون IPS شريكًا فعليًّاً في تنفيذ هذه الرؤية الطموحة، وسنواصل العمل على أن يكون المعرض أداة عملية لدفع عجلة التنمية العقارية، وتحقيق النمو المستدام بما يتماشى مع طموحات دبي لعام 2033 وما بعده".
وناقشت جلسة بعنوان "الاستثمارات العقارية العالمية من منظور المستثمرين – القوة الدافعة، وإستراتيجيات الاستثمار، وتدابير الاستدامة لبناء بنيةٍ تحتيةٍ عالمية المستوى"، أدارتها كارين تريفينو، نائبة الرئيس الأولى لمجلس سيدات العقارات في ميامي لعام 2025، الضوء على أحدث التوجّهات الاستثمارية، وأهمية دمج الاستدامة والابتكار في رسم ملامح مستقبل البنية التحتية الحضرية حول العالم، كما ناقشت الجلسة كيف أصبحت الاستدامة محورًا أساسيًّا في قرارات الاستثمار العقاري، مع التأكيد على أهمية دمج معايير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) ، وتبنّي نماذج تمويل مبتكرة، وتعزيز المرونة في إدارة المخاطر.
وأشار صموئيل توماس، مدرب في معهدIEREI Trainer ، إلى الأهمية المتزايدة لأطر ESG وأهداف التنمية المستدامة (SDGs)، مشيرًا إلى أن تلك المبادئ تُمثّل حجر الأساس في مستقبل التطوير العقاري عالميًّا. كما تطرَّق للهدف الحادي عشر من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، الذي يركّز على تعزيز المدن والمجتمعات المستدامة.
وكشف توماس: دبي لا تحتضن مستقبل العقارات فحسب، بل تضع معيارًا عالميًّا له، بدءًا من دمج مبادئ ESG إلى التزام المدينة بالنمو الذكي والمستدام، نشهد نموذجًا لكيفية مواءمة التنمية الحضرية مع الحوكمة الأخلاقية والمسؤولية البيئية، كما نوّه إلى الدور الفاعل لدائرة الأراضي والأملاك بدبي في دعم مشاريع التطوير، مشيرًا إلى أن المنهج العملي في الحوكمة ومراقبة الجودة كان عنصرًا حاسمًا في نجاح تجربة دبي العقارية.
وأوضح فيصل الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة الأندلس العقارية، الدور المتنامي للقطاع العقاري في تشكيل أنماط الحياة العصرية وأنظمة الأعمال؛ لا سيما في فهم وتلبية التوقعات المتزايدة لمستهلكي اليوم. وصرح الناصر قائلًا: "لم يعُد القطاع العقاري يقتصر على الأراضي فحسب، بل أصبح يشمل خلق بيئاتٍ تعزز جودة الحياة". وشدد على أهمية التوعية المستمرة للعملاء ودمج التقنيات المتقدمة في تصميم المباني لتلبية هذه المتطلبات المتطورة. ويعتقد الناصر أن أهم الابتكارات في قطاع العقارات لم تأتِ بعد، حاثًّا القطاع على التحلّي بالمرونة والتطلع إلى المستقبل".
وأكد أندريا نوسيرا، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة ريبورتاج، في كلمته على مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهةٍ رئيسيةٍ للاستثمار العقاري. وسلَّط الضوء على إجراءات الاستثمار المبسطة في الدولة والوضوح التنظيمي، باعتبارهما عاملَين رئيسيَّين يجذبان المستثمرين الدوليين.
وأضاف نوسيرا: "في سوق اليوم، يجب أن تترافق الاستدامة مع ضبط التكاليف، هدفنا هو توفير قيمة طويلة الأجل للمستثمرين والمقيمين من خلال الحفاظ على القدرة على تحمُّل التكاليف دون المساس بالسلامة البيئية". كما كشف أنه اعتبارًا من الربع الأول من عام 2025، ستواصل مجموعة ريبورتاج العمل دون أي رافعة مالية، وهي خطوة إستراتيجية تُمكّن من نقل كفاءة التكلفة مباشرةً إلى العملاء. وأشار إلى أن هذا الانضباط المالي يُساعد المجموعة في تحقيق عوائد استثمارية قوية تتجاوز 8-9%، وتطرَّق نوسيرا إلى اتجاهات الصناعة الناشئة، بما في ذلك ترميز الأصول العقارية، والذي يراه قوةً تحويليةً في جعل العقارات أكثر سهولةً وسيولةً لقاعدة أوسع من المستثمرين.
من جهة أخرى، أشار فاروق محمود، المدير الإداري لشركة Silverline Realty"" إلى أن العائد المالي يظل المحرك الأساسي لقرارات المستثمرين، ولكل سوق خصوصيتها وإستراتيجيتها الخاصة؛ حيث لا يوجد نموذج واحد يناسب جميع أسواق العقارات، بالإشارة إلى التفاوت الكبير في السياسات السوقية، والضرائب، وآليات الخروج من الاستثمارات بين مختلف المناطق".
وأشاد محمود بالجاذبية القوية لدبي، مشيدًا بالبنية التحتية عالمية المستوى للإمارة، وجودة البناء، والدعم الحكومي الاستباقي - وكلها عوامل تُسهم في تعزيز سُمعتها كوجهةٍ عالميةٍ رائدة في مجال العقارات. ولفت إلى أن المستثمرين نجحوا في اجتياز التحوُّلات بسوق دبي، وانتقلوا من العقارات السكنية إلى التجارية لاغتنام فرصٍ جديدة. ونظرًا لكون الهنود من أكبر المستثمرين في المنطقة، تواصل المدينة توفير إمكانات نموٍّ عالية.
كما شدد محمود على أهمية وجود إستراتيجيات خروجٍ واضحةٍ للمستثمرين، إلى جانب التركيز على مضاعفة رأس المال في سوقٍ متنامية، وحثّ المطوِّرين وأصحاب المصلحة على إيلاء اهتمام وثيق للديناميكيات الجيوسياسية والقرارات الحساسة للوقت، والتي قد تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على نتائج الاستثمار، وأشار إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كقوى تحويلية. مؤكدًا: "الابتكار مفتاح لتغيير ديناميكيات القطاع العقاري"، داعيًا القطاع إلى تبنّي التحوُّل الرقمي للحفاظ على قدرته التنافسية ومرونته في بيئةٍ سريعة التطور.
