أعلنت شركة "القابضة" (ADQ)، التابعة لحكومة أبوظبي، عن اختيار مجموعة "مُدن القابضة" الإماراتية، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، كمطوّر رئيسي لمشروع مدينة رأس الحكمة، أحد أكبر المشروعات التنموية على الساحل الشمالي لمصر.
وجاء الإعلان، بحضور الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حيث تم الكشف عن مخطط المشروع الذي يمثل استثمارًا مباشرًا بقيمة 35 مليار دولار.
المشروع يُعدُّ جزءًا من خطة إستراتيجية أوسع تهدف إلى تحويل الساحل الشمالي لوجهةٍ استثماريةٍ وسياحيةٍ متكاملة.
صفقة استثمار عقاري ضخمة
في خطوةٍ تُعزِّز العلاقات الاقتصادية بين البلدَين، وقّعت مصر والإمارات صفقة استثمار عقاري في فبراير الماضي، تمنح شركة القابضة (ADQ) حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار، ويهدف هذا الاتفاق إلى تنمية المنطقة الساحلية.
كما تضمنت الصفقة تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في مشاريع رئيسية بجميع أنحاء البلاد، وقد تسلَّمت مصر بالفعل الدفعتَين الأولى والثانية من الصفقة.
موقع إستراتيجي على الساحل الشمالي
وبحسب البيانات المتاحة على منصة "بروبرتي ميدل إيست" فإن منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر تتمتع بموقع إستراتيجي يبعد نحو 350 كيلو مترًا شمال غرب القاهرة، وتغطي مساحة تزيد على 170 مليون متر مربع، ضمن نطاق محافظة مطروح.
وتُعد المنطقة واحدًا من أكبر المشاريع الاستثمارية في الساحل الشمالي، حيث يسعى المخطط لتطوير مدينة حديثة تشمل مرافق سياحية، منطقة حرة، ومناطق استثمارية متنوعة، إلى جانب مشاريع سكنية وتجارية وترفيهية، مما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمار والسياحة.
استثمارات تصل إلى 110 مليارات دولار
من المتوقع أن تصل الاستثمارات التراكمية في مشروع رأس الحكمة إلى حوالي 110 مليارات دولار بحلول عام 2045، مما سيساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري.
ومن المتوقع أن يضيف المشروع نحو 25 مليار دولار سنويًّا إلى الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى خلق حوالي 750 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
بنية تحتية لجذب السائحين
وفقًا لوكالة أنباء الإمارات، يطمح مشروع رأس الحكمة في مراحله الأولى إلى إحداث نقلةٍ نوعيةٍ في البنية التحتية السياحية للمنطقة، والتي تمتد على طول 44 كيلو مترًا من ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويُعدُّ الموقع بمثابة بوابة سياحية مميَّزة، حيث يقع في نطاق أربع ساعات طيران فقط من أكثر من 400 مليون سائح دولي محتمل.
ويسعى المشروع إلى تعزيز موقعه كوجهة سياحية بارزة في البحر الأبيض المتوسط من خلال تقديم تجارب فريدة ومناطق جذب متاحة على مدار العام، مما يجعله محطة رئيسية في سوق السياحة الإقليمية.
وتتضمن الخطة الطموحة لتطوير مدينة رأس الحكمة، إنشاء مطار دولي جديد وشبكة متطورة من وسائل النقل، تشمل السكك الحديدية والقطارات السريعة، مما سيسهم في تعزيز سهولة الوصول للمدينة، سواء من داخل مصر أو من الخارج، وتستهدف هذه الخطوة تحويل رأس الحكمة إلى مركز سياحي عالمي، ما يعزز من مكانتها كوجهة سياحية عالمية.
شراكات إستراتيجية
أعلنت مجموعة "مدن القابضة" الإماراتية عن توقيع عدة اتفاقيات تعاون إستراتيجي لتطوير مشروع "رأس الحكمة"، وفقًا لـ "الشرق بلومبيرج".
ومن أبرز هذه الاتفاقيات، مذكرة تفاهم مع شركة "طاقة" لاستكشاف فرص تطوير وتمويل وتشغيل مشاريع البنية التحتية، واتفاقية مع شركة " &e مصر"، لتصميم وتنفيذ بنية تحتية متكاملة للمدينة الذكية، كما تم اختيار شركة "أوراسكوم للإنشاءات" كمقاول رئيسي لتنفيذ الأعمال التمهيدية للمشروع.
وشملت الاتفاقيات أيضًا مذكرة تفاهم مع "السويدي إليكتريك"، لتوريد مواد البناء، واتفاقية مع "مطارات أبوظبي"، لتصميم وتطوير وتشغيل المطار الجديد في المدينة، بالإضافة إلى ذلك، وقَّعت "مدن القابضة" شراكةً مع "مونتاج إنترناشيونال" و"أكور - ينيسمور"، لتطوير وتشغيل الفنادق والمنتجعات، فضلًا عن اتفاقية مع "فالديرما" المتخصصة في تطوير ملاعب الجولف.
تطوير مدينة عصرية
أوضح المسؤولون في مجموعة "مدن القابضة" أن المدينة ستشمل جميع مقوِّمات الحياة العصرية، بما في ذلك مناطق سكنية وتجارية، ومرافق ترفيهية، وفنادق، وملاعب جولف، ومساحات خضراء شاسعة.
وتتضمَّن الخطة الرئيسية للمشروع، منطقة سكنية تمتد على مساحة 80 مليون متر مربع تضم نحو 190 ألف فيلا وشقة تستوعب ما يصل إلى مليونَي نسمة، كما سيتم تخصيص 12 مليون متر مربع للمرافق التجارية والفندقية والترفيهية، علاوة على مرسى عالمي للقوارب واليخوت، ومنطقة حرة خاصة، كما ستضم 40 كيلو مترًا من المساحات الخضراء، ما يجعلها واحدة من أكثر المدن خضرة على البحر الأبيض المتوسط.
رؤية مشتركة للمستقبل
أكد محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار الإماراتي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة القابضة (ADQ)، أن مشروع رأس الحكمة سيساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية لمصر بفضل حجمه وتأثيره الكبير.
وأوضح السويدي أن المشروع سيتيح العديد من الفرص الواعدة، ويساهم في تحفيز القطاع السياحي، مضيفًا إن مجموعة "مدن القابضة" ستوفر خبراتها في التخطيط العمراني، بالإضافة إلى حلولها المبتكرة التي ستساهم في بناء وجهة عمرانية وسياحية متقدمة.
مشروع استثماري عالمي
من جانبه، قال جاسم محمد بوعتابة الزعابي، رئيس دائرة المالية في أبوظبي وعضو المجلس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "مدن القابضة": "نطمح إلى أن تصبح مدينة رأس الحكمة واحدة من أفضل الوجهات السياحية في حوض البحر الأبيض المتوسط، خصوصًا أن مصر تتمتع بتاريخ عريق ومعالم سياحية متنوعة".
وأكد الزعابي أن "مدن القابضة" ستعمل جاهدة لتطوير المشروع بالتعاون مع شركائها الإستراتيجيين، ليكون هذا المشروع محركًا مهمًّا لعجلة الاقتصاد المصري، ونموذجًا للمجتمعات العمرانية المستقبلية.
من جهته، وصف بيل أوريجان، الرئيس التنفيذي لمجموعة "مدن القابضة"، مدينة رأس الحكمة بأنها "أحد أهم المشاريع الاستثمارية والتطويرية التي تنفذها المجموعة خارج دولة الإمارات العربية المتحدة"، مؤكدًا أن المشروع سيحقق مستوى جديدًا من التميُّز في تقديم تجارب استثنائية للزوار والمقيمين على حد سواء.
