دبي تطلق مؤشر الإيجارات الذكي لتعزيز الشفافية والعدالة في السوق العقارية

تقنيات الذكاء الاصطناعي تحدد زيادات الإيجار لتحقيق العدالة للمؤجرين والمستأجرين
نظام ذكي جديد في دبي لتحديد الإيجارات بدقة
نظام ذكي جديد في دبي لتحديد الإيجارات بدقة
تم النشر في

تُقبل دبي، إحدى أغلى مدن العالم في أسعار الإيجارات، على مرحلة جديدة في سوق الإسكان بعد إعلان دائرة الأراضي والأملاك الحكومية عن مؤشر الإيجارات الذكي، وهو نظام جديد يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد نِسَب الزيادة الإيجارية للعقود القديمة، كما سيُستخدم كمرجع استرشادي للعقود الجديدة.

وكانت دبي، بحسب بيانات حكومة دبي. ويُغطي المؤشر الجديد المناطق السكنية في المدينة، بما في ذلك المناطق الرئيسية، ومناطق التطوير الخاصة، والمناطق الحرة.

وسيتم تحديد نِسَب الزيادة في العقود القديمة، بموجب المؤشر الجديد، بناءً على الفارق بين القيمة الإيجارية الحالية ومتوسط أجر المثل؛ حيث تبدأ من صفر بالمئة للإيجارات دون 10% عن متوسط أجر المثل، وتصل كحدٍّ أقصى إلى 20% كزيادة بالنسبة للإيجارات دون 40% عن المتوسط.

ويرغب مسؤولو الإمارة من خلال هذا المؤشر في "تعزيز الشفافية والعدالة في تحديد القِيَم الإيجارية بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ونظام تصنيف المباني، وتقديم تقييمات عادلة ودقيقة؛ بهدف تحقيق توازنٍ عادلٍ يحمي حقوق كلٍّ من المؤجرين والمستأجرين، ويُساهم في استقرار السوق"، بحسب بيانٍ صادر عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي.

تحقيق الشفافية والعدالة أمرٌ بالغ الأهمية لدفع عجلة النمو المستدام في القطاع العقاري

ويعتمد المؤشر على نظام تقييم خاص بالعقارات؛ إذ لا يقوم فقط على السعر المتوسط ضمن المنطقة، فهو يُقيّم قيمة الإيجارات بناءً على عوامل عدة مثل عمر العقار والموقع ووسائل الراحة، والاعتماد على الطاقة النظيفة والطلب، بحسب أليك سميث، رئيس المبيعات والتأجير في شركة "سافيلز الشرق الأوسط".

أما شريف سليمان، الرئيس التنفيذي المعني بالإيرادات في "بروبرتي فايندر " (Property Finder)، فيرى أن هذا "المؤشر سيخلق مشهدًا إيجاريًّا أكثر توازنًا وإنصافًا للمستأجرين". لافتًا إلى أن "تحقيق الشفافية والعدالة أمرٌ بالغ الأهمية لدفع عجلة النمو المستدام في القطاع العقاري، مع زيادة الثقة في الوقت نفسه، وهو مكسب للطرفين".

وهذا المؤشر الجديد من شأنه أن يوفر قيمة إيجارية أكثر تخصيصًا ودقة لكل عقار؛ مما يضمن أن تعكس الإيجارات قيمتها السوقية الحقيقية بشكلٍ أفضل، ويأتي هذا في وقتٍ سجلت المدينة في الربع الثاني من العام الماضي ارتفاعًا في إيجارات الوحدات السكنية بنحو 21% على أساس سنوي، وفقًا لتقرير صدر عن شركة "جيه إل إل" للاستشارات العقارية العام الماضي.

"المؤشر الجديد سيسهل عملية قيام المُلّاك بتنفيذ زيادات مبررة في الإيجار، خاصةً بالنسبة للعقارات عالية الجودة أو العقارات التي يزداد الطلب عليها"، كما يصرح أليك سميث لـ"الشرق". مضيفًا: "هذا سيجعل أسعار الإيجارات تتماشى مع ظروف السوق الفعلية بدلًا من البيانات التاريخية، وهو يمثل تحوُّلًا نحو مزيدٍ من الدقة والإنصاف والشفافية في السوق".

وأضاف فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط لدى "نايت فرانك" إن أي تحرُّك من جانب السلطات لتحسين دقة وتوافر بيانات الإيجارات السكنية، والآلية التي يتم بها تحديدها، ستساهم بشكلٍ أكبر في تعزيز جاذبية دبي كوجهة للاستثمار العقاري.

اقرأ أيضًا
13.7 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
نظام ذكي جديد في دبي لتحديد الإيجارات بدقة

ويؤكد تيمور خان، رئيس قسم الأبحاث بالشرق الأوسط وإفريقيا لدى "جيه إل إل" للاستشارات العقارية، أن الفارق الأساسي بين المؤشر الجديد والحالي هو أن تقييم الإيجارات كان مرتبطًا إلى حد كبير بالمنطقة، وضرب المثل قائلًا: "إذا كان لديك مبنى يتمتع بجودةٍ مرتفعةٍ جدًّا في منطقة تُمثل سوقًا متوسطة من حيث قيمة الإيجار، فإنك كمالك للعقار ستواجه صعوبات لزيادة قيمة الإيجار بشكلٍ كبير؛ لأنه تجري مقارنتك بالسوق الأوسع نطاقًا، والتي لا تعكس منتجك. لكن الآن سيتم النظر إلى كل أصلٍ عقاريّ ومزاياه بشكلٍ كبيرٍ وبتحسيناتٍ أكبر بكثير من حيث كيفية عمل مؤشر الإيجارات".

ويشير إلى أن مزايا المؤشر الجديد أنه سيشجّع مالكي العقارات على الاستثمار في عقاراتهم لتحسين جودتها وجودة الخدمات المقدَّمة لأن هذا سيعود عليهم بمنافع مالية، كما أن البيانات ستصبح أكثر حداثة من حيث الوقت؛ لأنها تعكس ظروف السوق الحالية بشكلٍ فوري، بينما كان المؤشر السابق يعتمد على البيانات السنوية، وبالتالي كان هناك بعض التأخير من حيث الزيادات في الإيجارات، بحسب خان.

وتتجلى مزايا المؤشر في جعل الأسعار أكثر دقةً وتعكس القيمة الحقيقية للعقار، بحسب روهيت باتشاني، الشريك المؤسس في "ميرلين" العقارية؛ حيث أوضح لـ"الشرق" أن "المؤشر يعتمد طريقة أكثر تطورًا وإنصافًا لتسعير الإيجارات، ولذلك سيُحدث فرقًا كبيرًا، خاصة في المناطق التي تضم مزيجًا من العقارات القديمة والجديدة مثل وسط مدينة دبي والخليج التجاري؛ لأنها شهدت مشاريع تطوير جديدة وراقية، بينما تضم مباني قديمة ذات مستوياتٍ معيشيةٍ متفاوتة، لكن الأسعار كانت في بعض الأحيان غير متناسقة بعض الشيء."

يُنتظر من المؤشر الجديد أن يوفّر إطارًا أكثر إنصافًا للملاك والمستأجرين على حدٍّ سواء. ونوه أليك سميث إلى أن تقييم العقارات بشكلٍ فرديّ يضمن أن تستند قيم الإيجار إلى الجودة المحددة للعقار ومدى استحقاقه، بدلًا من تطبيق سعر عام في المنطقة.

ويأتي قرار العمل بهذا المؤشر بينما يُعاني بعض القاطنين في دبي من ارتفاع أسعار الإيجارات بعد أن جذبت الإمارة العديد من الفئات مرتفعة الأجر مثل المصرفيين والمحامين وغيرهم في السنوات الأخيرة بفضل نظامها الضريبي والموقع الزمني الملائم؛ ما دفع العاملين ذوي الأجور المنخفضة للجوء في السكن إلى جارتها الشارقة.

تقييم العقارات بشكلٍ فرديّ يضمن استناد قيم الإيجار للجودة المحددة للعقار

من الناحية النظرية، ينبغي أن يؤثر المؤشر إيجابيًّا في اتجاه تقليل النزاعات العقارية، مع استفادة جميع المشاركين في السوق من زيادة الشفافية، بحسب ماثيو غرين، رئيس قسم الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة "سي بي آر إي"(CBRE)  في حديث لـ"الشرق".

أما بالنسبة للملاك، فسيوفر المؤشر فرصة للحصول على إيجارات أعلى للعقارات التي تتم صيانتها بشكل جيد أو العقارات المتميّزة؛ مما يحفز الاستثمار في تحديث العقارات، أما بالنسبة للمستأجرين، فهي تضمن لهم دفع قيمة سوقية عادلة تتوافق مع جودة العقار وميزاته، بحسب سميث.

وكانت دبي قد حلَّت بالمركز الرابع عالميًّا ضمن المدن الأكثر زيادةً في إيجارات المساكن عام 2023، وفقًا لمؤشر المدن ذات المساكن الأغلى إيجارات حول العالم الصادر عن شركة "سافيلز" (Savills)  لسمسرة العقارات. وتتنافس الإمارة مع مدن عالمية تشهد ارتفاعًا في الإيجارات مثل لشبونة وسنغافورة.

وشهدت الإيجارات في دبي قفزة بنسبة بلغت 83%  منذ عام 2020، وفق حسابات شركة "كوشمان آند ويكفيلد كور، وكان هذا الانتعاش مدعومًا بتدفق المستثمرين الأثرياء -بمن فيهم الروس- الذين يسعون إلى حماية أصولهم، وأصحاب الملايين من المتعاملين في العملات المشفرة، والهنود الأثرياء الباحثين عن منزل ثان.

أما غرين من "سي بي آر إي" فأفاد أن "تقييم التأثير طويل المدى للمؤشر أمر سابق لأوانه". لكنه أضاف في حديث لـ"الشرق": "هذا الأمر جيد للسوق، خاصة فيما يتعلق بمواصلة جذب أموال المؤسسات الأجنبية إلى الإمارة".

اقرأ أيضًا
دبي تشهد بناء 11,700 فيلا جديدة خلال 5 سنوات
نظام ذكي جديد في دبي لتحديد الإيجارات بدقة

محتوى ذو صلة

No stories found.
//Handle Attachments element/
logo
بروبرتي ميدل إيست - Property Middle East
propertymiddleeast.com