أكد المهندس أسامة بركات المدير التنفيذي للمشاريع، في "دار وإعمار"، في مقابلة حصرية لـ"بروبرتي ميدل إيست" أن توجّه الشركة نحو إطلاق فئة "كوميونيتيز"، بعد الكشف عن مشروعَي "النرجس كوميونيتيز"، و"الفُرسان كوميونيتيز"، بقيمة 3.8 مليار ريال خلال معرض "سيتي سكيب العالمي 2025" بالرياض، يُمثّل تحوُّلًا إستراتيجيًّا يهدف إلى تقديم مجتمعاتٍ متكاملةٍ تُلبّي احتياجات الساكن اليومية، وتُجسِّد مفاهيم جودة الحياة وفق رؤية 2030.
وأضاف، إن اعتماد هذا النهج يقوم على تصميم أحياءٍ إنسانيةٍ مترابطةٍ وقابلةٍ للمشي، تقوم على قرب الخدمات وتنوُّع الخيارات السكنية، مع الاعتماد على آراء العملاء بعد البيع؛ بوصفها مرجعًا أساسيًّا لتطوير النماذج العمرانية، وصياغة تجارب سكنية أكثر توازنًا وارتباطًا باحتياجات الأسر السعودية.
تُمثّل فئة كوميونيتيز توجهًا تطويريًّا جديدًا لـ"دار وإعمار"، كيف تصفون التحوُّل من تطوير المشاريع السكنية المستقلة إلى تطوير مجتمعاتٍ عمرانيةٍ متكاملة؟ وما الذي دفعكم لاعتماد هذا النهج في هذه المرحلة؟
يُشكّل التحوُّل نحو فئة "كوميونيتيز" لدى "دار وإعمار" خطوةً إستراتيجيةً بارزة؛ إذ تنقل الشركة تركيزها إلى إطلاق مجتمعاتٍ عمرانيةٍ شاملة.
هذا التوجّه يُعكس رؤيتها لبناء بيئاتٍ سكنيةٍ تقدِّم نمط حياة متكاملًا بجودةٍ عالية، وتمثَّل ذلك في مشروعَي "النرجس كوميونيتيز" و"الفُرسان كوميونيتيز".
أما ما دفع الشركة لاعتماد هذا النهج فكان مزيجًا من عوامل أبرزها: الحاجة إلى مواكبة مستهدفات برنامج الإسكان ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تركّز على جودة الحياة، وتمكين التملُّك، وجعل البيئة أكثر ملاءمةً للأسرة السعودية، بالإضافة إلى الطلب المتنامي في السوق على منتجٍ سكنيّ يوفر خدماتٍ متكاملةً داخل المجتمع، ويقلّل تنقّل السكان، ويُعزّز الراحة والاستدامة.
شهدنا إطلاق "النرجس كوميونيتيز" و"الفُرسان كوميونيتيز" بقيمة 3.8 مليار ريال خلال سيتي سكيب. ما الفلسفة العمرانية التي تقوم عليها هذه المشاريع؟
تعتمد التصاميم العمرانية لمشروعَي "النرجس كوميونيتيز" و"الفُرسان كوميونيتيز" على فلسفة إنشاء أحياءٍ إنسانيةٍ مترابطة، تضع المُقيم في صلب التجربة اليومية.
وتشمل هذه الأسس توزيع وحدات السكن (فلل، شقق، تاون هاوس) ضمن نطاقاتٍ تخدمها مساحاتٌ خضراء كبيرة، وممرّات مشاة، وشبكة خدماتٍ تعليميةٍ وصحيةٍ وتجاريةٍ موزّعة بشكلٍ يُسهل الوصول إليه، على سبيل المثال في "الفُرسان" أكثر من 1,700 وحدة سكنية تشمل فللًا، وتاون هاوس، إضافة إلى 814 شقة، ضمن بيئةٍ تضم مساحاتٍ خضراء، وممرّات مشاة.
هذا التصميم يعكس مفهوم "حيّ قابل للمشي"؛ حيث يكون الكثير من الحياة اليومية متاحًا داخل الحي نفسه؛ مما يُعزّز الشعور بالمجتمع، ويجعل الموقع ليس مجرد مكان للسكن، بل تجربة معيشية متكاملة.
"دار وإعمار" تركّز بشكلٍ واضحٍ على التصميم الوظيفي وجودة العيش. كيف توازنون بين الابتكار ومتطلبات السوق واحتياجات الأسر السعودية؟ وما دور آراء العملاء في تشكيل تصاميم المشاريع الجديدة؟
إن التوازن بين الابتكار المعماري وتلبية احتياجات السوق، وبخاصة الأسر السعودية، يُمثل أحد التحديات الكبرى في التطوير العقاري، و"دار وإعمار" تشير إلى أنها تعتمد في ذلك على آليةٍ مزدوجة: أولًا، الرصد الدقيق لتوجّهات السوق ومتطلبات الأسر من حيث المساحة، عدد الغرف، نوع الوحدة (شقة، دوبلكس، فيلا)، ومستوى الخدمات المرغوب فيه؛ ثانيًا، الاستماع النشط لآراء العملاء بعد البيع باعتبارها "المرجع الأساسي" لتطوير النماذج السكنية.
وبهذا، يُصبح صوت العميل ليس مجرد ملاحظات، بل مادة اختبارية للتصميم والتنفيذ؛ مما يضمن أن المنتج النهائي يستجيب لواقع الأسر وليس مجرد تصوّر نظريّ. هذا النهج يعكس نُضجًا في التعامل مع التعقيدات البشرية للسكن بدلًا من اعتباره فقط مشروعًا هندسيًّا.
ما الهدف من إطلاق خط "كوميونيتيز" الجديد؟ وما الفجوة التي يملؤها هذا التوجُّه في السوق مقارنةً بالمنتجات السكنية التقليدية؟
الهدف الأساسي من إطلاق فئة "كوميونيتيز" يتمثَّل في سدّ فجوةٍ نوعيةٍ في سوق الإسكان، ليس فقط توفير منازل بل بناء مجتمعٍ متكامل، يجمع السكن مع الخدمات والبُنى التحتية ضمن وحدةٍ واحدة.
المنتج التقليدي غالبًا يركّز على المسكن فقط، أما هذا التوجّه فيقدِّم أسلوب حياة متكاملًا؛ حيث التعليم، الصحة، الترفيه، والمتاجر متاحة داخل المحيط السكني أو بجواره مباشرة.
ويُعدُّ إطلاق مشروعَي "النرجس كوميونيتيز" و"الفُرسان كوميونيتيز" أحد هذه التحوُّلات لاستقطاب الأسر التي تبحث عن "ما بعد المنزل"، أي المجتمع، العلاقات، الراحة، والخدمات.
تُمثل مشاريع "النرجس كوميونيتيز" و"الفُرسان كوميونيتيز" نموذجًا جديدًا للتخطيط العمراني واسع النطاق. كيف يمكن اعتبارهما خارطة طريق جديدة لتطوير المجتمعات السكنية في المملكة خلال السنوات القادمة؟
تشكّل مشاريع كوميونيتيز إضافةً إلى مشروع سرايا الرُّبى في شرق الرياض، نماذج مستقبلية لمفهوم المجتمعات السكنية في المملكة؛ إذ لا تعمل الشركة هنا على تسليم وحداتٍ سكنيةٍ فحسب، بل على بناء مخططاتٍ عمرانيةٍ شاملةٍ تضع معايير واضحة لكيفية تطور المدن السعودية.
بما يتماشى مع رؤية 2030 وبرنامج الإسكان، فإن هذه المجتمعات تُعدُّ خارطة طريق للتنمية الحضرية: تكامل الخدمات، تنوّع الخيارات السكنية، بيئة قابلة للمشي، وقرب من الاحتياجات اليومية.
وعلى هذا النحو، تصبح المشاريع ليست مجرد منتج، بل مرجعية للمطورين الآخرين والمشرّعين، في صياغة معايير للحواضر المقبلة.
تمتاز مشاريع كوميونيتيز بالتنوُّع في المنتجات من فللٍ وشقق، ومساحاتٍ تجارية وخدمات تعليمية وصحية. كيف تُسهم هذه العناصر في بناء بيئةٍ معيشيةٍ متكاملةٍ تُعزّز جودة الحياة وفق رؤية 2030 وبرنامج الإسكان؟
يُمثِّل تنوُّع المنتجات أحد ركائز إستراتيجية "دار وإعمار" في بناء بيئةٍ معيشيةٍ متكاملة؛ إذ يهدف هذا التنوُّع إلى تمكين الساكن من الحصول على جميع احتياجاته داخل المجتمع دون الحاجة لقطع مسافاتٍ طويلة.
وتقدِّم الشركة باقةً واسعةً من الخيارات السكنية، تشمل الشقق والفلل بمختلف أحجامها والدوبلكسات، إضافة إلى نماذج متنوّعة مثل الروف الملحق والديوانيات، بحيث يصل عدد النماذج في بعض المخططات إلى 10 أو 12 نموذجًا.
هذا الاتساع في الخيارات يضمن مرونةً عاليةً تلبّي احتياجات شرائح المجتمع السعودي كافة، ويراعي اختلاف المساحات وعدد الغرف وتكوين الوحدات، إلى جانب توفير منظومةٍ متكاملةٍ من الخدمات التجارية والتعليمية والصحية داخل الكوميونيتيز، بما يُعزّز جودة الحياة ويرفع مستوى الراحة للسكان.
مع استمرار توسُّع "دار وإعمار" بالشراكة مع NHC، ما الخطط المستقبلية لتعزيز هذا التوجه؟ وكيف ترون دور الشركة في تشكيل مستقبل المجتمعات العمرانية في الرياض وبقية مناطق المملكة؟
تأسّست الشراكة بين دار وإعمار وNHC في فترة 2018–2019، وهي مستمرة في التوسّع لتلبية أهداف برنامج الإسكان ورؤية 2030.
وتوضح الشركة أن دورها المستقبلي يتمثّل في تقديم مساكن عالية الجودة وبأسعار مناسبة تلبي شرائح المجتمع السعودية كافة.
عبر هذا التعاون، تؤمن الشركة بأنها شريك فاعل في صياغة التحوُّل العمراني الذي تشهده المملكة في مختلف مناطقها، من خلال تصميم وتطوير مجتمعات متكاملة بدلًا من مجرّد وحداتٍ سكنية.
وهذا الموقع يجعلها جزءًا من صناعة مستقبل المدن السعودية، من حيث البنية التحتية، ونمط الحياة، والتخطيط العمراني، والثقافة المجتمعية، وليس مجرد مطوّر عقاريّ.
