شهدت مطارات المملكة في عام 2024 حركةً غير مسبوقة، تجاوز فيها عدد الركاب حاجز 128 مليون مسافر، بزيادةٍ بلغت 15% عن العام السابق. هذا الزخم الكبير في حركة السفر لم يمر دون تأثير، بل أشعل الطلب على أماكن الإقامة في مختلف المدن، فارتفعت أسعار الإيجارات السكنية بنِسَبٍ لافتة؛ حيث صعدت إيجارات الشقق بنسبة 10.16%، والفلل بـ9.16%، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء.
وسط هذا المشهد، تحرّك المستثمرون بسرعة لاقتناص الفرصة، وبدؤوا بضخ استثماراتهم في سوق الإيواء الذي بات أكثر نشاطًا وربحية، مدفوعًا بحركة مسافرين لم تعُد موسمية، بل مستمرة ومتصاعدة.
128 مليون مسافر يرفعون الطلب على السكن
بحسب نشرة إحصاءات النقل الجوي لعام 2024، بلغ عدد المسافرين عبر مطارات المملكة 128 مليون راكب، منهم أكثر من 69 مليون راكب دولي (بنمو 14% عن عام 2023)، و59 مليون راكب داخلي (بنمو 16%).
هذا الارتفاع غير المسبوق يعكس تطورًا لافتًا في قطاعَي السياحة والتنقل، ولكنه أيضًا يكشف عن ضغطٍ مباشرٍ على سوق السكن المؤقت والدائم؛ لا سيما في المدن التي تستقبل الزوار بكثافة كالرياض، جدة، المدينة المنورة، العلا، وأبها.
جدول عدد ركاب الطائرات (حركة المسافرين) في 2024
الشركة | الطيران الداخلي | الطيران الدولي | المجموع |
---|---|---|---|
الشركات السعودية | 58,127,636 | 28,258,445 | 86,386,081 |
الشركات الأجنبية | 49,271 | 40,973,024 | 41,022,295 |
الطيران العام* | 1,128,307 | 80,340 | 1,208,647 |
المجموع | 59,305,214 | 69,311,809 | 128,617,023 |
أسعار الإيجارات تتجاوب سريعًا مع الطلب
ارتفاع حركة المسافرين لم يكن مجرد رقم في المطارات، بل تُرجم إلى زيادةٍ فعليةٍ في الطلب على الإيجارات في مختلف أنحاء المملكة.
وبحسب نشرة أسعار الإيجارات السكنية لعام 2024: ارتفع متوسط مؤشر أسعار إيجار الشقق السكنية 10.16%، ومؤشر إيجارات الفلل بنسبة 9.16%، ومؤشر أسعار إيجارات دور في فيلا 13.33%، ومؤشر أسعار إيجارات البيت الشعبي 14.09%.
وهذا يعكس تحوُّلًا في أنماط الطلب، من الإيجار طويل الأجل فقط، إلى الإيجار المؤقت والقصير المدى؛ ما خلق سوقًا جديدة يعتمد جزءٌ كبيرٌ منها على الزوار القادمين في رحلات عمل، أو مناسبات دينية، أو سياحية.
جدول مؤشر متوسط أسعار الإيجارات السكنية في 2024
نوع العقار | عام 2022 | عام 2023 | عام 2024 |
---|---|---|---|
إيجار شقة | 4.41% | 19.38% | 10.16% |
إيجار دور فيلا | 5.67% | 10.45% | 13.33% |
إيجار فيلا | 0.40% | 6.60% | 9.16% |
إيجار بيت شعبي | -0.44% | 8.26% | 14.09% |
استثمار إستراتيجي مدفوع بحركة السفر
واكبت الطفرة في السفر قفزةً غير مسبوقةٍ في عدد الفنادق العاملة في السعودية. فقد ارتفع عددها من 1161 فندقًا في نهاية 2023 إلى 2163 فندقًا في 2024، بنسبة نمو 86% في عام واحد فقط. هذا النمو جاء كرد فعل مباشر على الطلب العالي، خصوصًا في المدن الرئيسية والمناطق السياحية.
وتشير البيانات إلى ارتفاع متوسط الأسعار اليومية للغرف في عدة مناطق؛ حيث بلغ متوسط السعر اليومي للغرفة الفندقية في منطقة الرياض 1013 ريالًا، وفي منطقة تبوك 521 ريالًا لليلة، وفي المنطقة الشرقية 417 ريالًا لليلة، وفي منطقة حائل 412 ريالًا لليلة.
أما نِسَب الإشغال، فجاءت فنادق المدينة المنورة في الصدارة بنسبة إشغال 74.77%، تليها فنادق منطقة الرياض بنسبة 72.04%، وفنادق المنطقة الشرقية بنسبة 60.19%.
هذه الأرقام تعني أن الطلب يفوق العرض في كثير من الحالات؛ مما يفتح المجال أمام المستثمرين لزيادة المعروض من خلال الفنادق أو التحوُّل إلى الإيجار الفندقي للشقق.
جدول عدد مرافق الفنادق والمرافق السياحية
الفترة | عدد الفنادق | الشقق المخدومة ومرافق الضيافة الأخرى | الإجمالي |
---|---|---|---|
الربع الرابع 2023 | 1161 | 1182 | 2343 |
الربع الأول 2024 | 1441 | 1361 | 2802 |
الربع الثاني 2024 | 1696 | 1675 | 3371 |
الربع الثالث 2024 | 1971 | 2027 | 3998 |
الربع الرابع 2024 | 2163 | 2262 | 4425 |
المسافرون محرّك للاستثمار العقاري
المستثمرون الذين كانوا يركّزون سابقًا على العقارات السكنية التقليدية، باتوا يتجهون بشكلٍ واضحٍ نحو العقارات ذات الطابع المرن، مثل: الشقق المفروشة، الإيجارات اليومية أو الأسبوعية، الوحدات القريبة من المطارات أو مراكز الفعاليات، الشقق الفندقية أو العقارات المُدارة.
حركة المسافرين المستمرة تعني أن هناك دفقًا دائمًا من الطلب العابر، لكنه يملك تأثيرًا حقيقيًا على عوائد الإيجار والعائد على الاستثمار العقاري.
أين يتجه المستثمرون اليوم؟
من حيث مؤشرات الأداء، تتصدّر الرياض والمدينة المنورة المشهد بفضل ارتفاع نسبة الإشغال والأسعار.
لكن مدنًا أخرى مثل تبوك والعلا وأبها بدأت تبرز كمناطق ذات عوائد متزايدة، خصوصًا مع تطوُّر مشاريع السياحة والثقافة والترفيه. هذه المدن تتمتع بميزةٍ تنافسيةٍ من حيث تكاليف التملك المنخفضة نسبيًّا، مقابل معدلات نموٍّ عالية مستقبلًا.
الاستثمار في الإيواء لم يعُد خيارًا.. بل ضرورة
في ظل كل هذه المؤشرات، بات من الواضح أن الاستثمار في سوق الإيواء لم يعُد خيارًا هامشيًا، بل ضرورة إستراتيجية للمستثمرين العقاريين الذين يسعون لتحقيق عوائد مستدامة.
من الإيجار قصير الأجل، إلى الشقق المفروشة، إلى الفنادق الذكية منخفضة التكاليف، جميعها نماذج تستفيد مباشرة من هذا التدفق الكبير للمسافرين. وأصبحت المعادلة بأن كل مسافر هو فرصة إيجار سكن عقاري متنقلة.
حركة الناس تغيّر وجه العقار
لم تعُد العوامل التقليدية كافية لتفسير حركة السوق العقارية في السعودية. فاليوم، المسافرون هم مَن يعيدون رسم خريطة الطلب العقاري، ويفرضون نمطًا جديدًا من الاستثمار يقوم على المرونة، والسرعة، وتقديم حلولٍ سكنيةٍ تتكيَّف مع احتياجات العابرين.
وما دامت حركة السفر تنمو بهذا الزخم، فإن مَن يستثمر اليوم في العقارات القابلة للتأجير أو الإيواء، سيجني ثمارًا كبيرة غدًا.