

تشهد الكويت تسارعًا ملحوظًا في وتيرة إقرار التشريعات الاقتصادية الجديدة، في خطوةٍ تعكس توجّه الدولة نحو تعزيز التنمية المستدامة وتنشيط القطاعَين المالي والإسكاني.
وفي هذا السياق، تستعد الحكومة لتكليف بنك الكويت المركزي بوضع الإطار الائتماني والتنظيمي لقانون "الرهن العقاري" بعد أن نالت مسودته النهائية موافقة إدارة الفتوى والتشريع مؤخرًا، تمهيدًا لاعتماده وإصداره خلال الفترة المقبلة.
ووفقًا لمصادر نقلت عنها صحيفة "القبس"، فإن التكليف المنتظر سيمنح بنك الكويت المركزي صلاحية إعداد التعليمات التنفيذية والتفصيلية لتطبيق القانون، بما يشمل تحديد مبالغ التمويل العقاري، وشروط التأهل والاستحقاق، والضمانات اللازمة، إلى جانب تنظيم آليات السداد بما يضمن حقوق المقترضين والمؤسسات المالية على حدٍ سواءٍ.
وأوضحت المصادر أن التعليمات المرتقبة ستتضمن تحديد الحد الأعلى لمبالغ التمويل العقاري للأفراد بما يتناسب مع الدخل الشهري والقدرة على السداد، ووضع ضوابط دقيقة لتأهل العملاء تشمل الحد الأدنى للدخل والعمر والسجل الائتماني، إضافةً إلى تحديد نسبة التمويل مقارنةً بقيمة العقار، وتنظيم فترات السداد التي قد تمتد حتى خمسٍ وعشرين سنةً بمرونةٍ تراعي ظروف المقترضين، فضلًا عن اعتماد نظام ضمانات متكاملٍ لحماية حقوق جميع الأطراف في حالات التعثر أو إعادة البيع أو نقل الملكية.
وتوقَّعت المصادر أن تُنجز الصياغة النهائية للقانون خلال الأشهر القليلة المقبلة؛ ما سيفتح الباب أمام البنوك المحلية لتقديم برامج تمويلٍ إسكانيةٍ منظمةٍ تدعم المواطنين وتخفف الضغط عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية. وسيعمل بنك الكويت المركزي على ضمان تنفيذ القانون ضمن إطارٍ مصرفيٍ آمنٍ يحد من المخاطر الائتمانية ويُعزز معايير الملاءة المالية للأفراد.
ويأتي هذا التحرك ضمن خطةٍ متكاملةٍ لتطوير القطاع الإسكاني بالتعاون بين بنك الكويت المركزي ووزارة المالية ومؤسسة الرعاية السكنية، وذلك بالتزامن مع جهود الدولة لتسريع تنفيذ المشاريع الإسكانية الكبرى، التي تشمل إنشاء نحو خمسة آلاف وحدةٍ سكنيةٍ في مناطق المطلاع وسعد العبد الله وجابر الأحمد ضمن المرحلة الأولى من برنامجٍ يمتد لعشر سنواتٍ يستهدف بناء أكثر من مئةٍ وسبعين ألف وحدةٍ جديدةٍ لتلبية الطلب المتزايد على المساكن الذي تجاوز تسعين ألف طلبٍ.
وفقًا للصحيفة، فإن إقرار قانون الرهن العقاري سيشكِّل نقطة تحوُّلٍ في سياسات الإسكان والتمويل في الكويت؛ إذ يسهم في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحفيز البنوك على تمويل مشاريع التطوير والبناء؛ الأمر الذي سينعكس إيجابًا على قطاعات المقاولات والمواد الإنشائية والاستثمار العقاري. كما يساعد القانون على تقليص قوائم الانتظار في طلبات السكن وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي من خلال توفير خيارات تمويلٍ مرنةٍ وآمنةٍ للمواطنين.
ومن المنتظر أن يُسهم وجود إطارٍ قانونيٍ منظمٍ للرهن العقاري في الحد من المضاربات العشوائية وتعزيز الشفافية في عمليات الشراء والتمويل، بما يُحقق توازنًا أكبر بين العرض والطلب ويُعيد رسم خريطة الاستثمار السكني في البلاد خلال السنوات المقبلة.