قروض صناديق الريت السعودية تتجاوز 10 مليارات ريال وتمثل ثلث أصولها

تعكس توجهًا نحو التوسع وسط بيئة تمويل مرنة
الصناديق العقارية تحقق أرباحًا مستمرة للمستثمرين في السعودية
الصناديق العقارية تحقق أرباحًا مستمرة للمستثمرين في السعودية
تم النشر في

أظهرت بيانات 19 صندوقًا عقاريًّا مدرجًا في السوق المالية السعودية "تداول" بنهاية الربع الأول من عام 2025، ارتفاعًا ملحوظًا في إجمالي القروض المجمعة للصناديق، حيث بلغت 10.34 مليار ريال سعودي، وهو ما يمثل نحو 35% من إجمالي قيمة أصول هذه الصناديق التي وصلت إلى نحو 29.95 مليار ريال.

وتعكس نسبة الإقراض توجّهًا واضحًا نحو تمويل الأصول العقارية من خلال الاقتراض، مما قد يدل على إستراتيجيات توسعية في ظل بيئة تمويلية مرنة أو بحث عن تعزيز العوائد بالرافعة المالية.

جدول أصول وقروض الصناديق العقارية المدرجة

التوجُّه العام نحو الاقتراض

يبدو أن السوق تشهد ميلًا متزايدًا لاستخدام الرافعة المالية، إذ إن أكثر من ثلث أصول الصناديق يتم تمويلها عبر القروض. هذا التوجه قد يكون مدفوعًا بفرص استثمارية مغرية في القطاع العقاري، أو انخفاض نسبي في تكاليف الاقتراض خلال الفترات السابقة. ومع ذلك، فإن هذا النهج لا يخلو من المخاطر، خصوصًا في بيئة اقتصادية قد تتجه نحو تشديد السياسات النقدية أو تقلص السيولة.

المستويات المرتفعة من القروض قد تمثل فرصة لتعظيم العائد على حقوق المساهمين في فترات النمو لكنها ترفع من حدة المخاطر

الصناديق ذات الرافعة المالية المرتفعة

يبرز في مقدمة هذه الصناديق "الرياض ريت"، الذي بلغت نسبة القروض فيه نحو 50.4% من إجمالي أصوله، ما يجعله الأكثر اعتمادًا على التمويل الخارجي. ويليه "الاستثمار أريك ريت المتنوع" بنسبة 48.94%، ثم "الإنماء ريت للتجزئة" بنسبة 43%. كما يأتي "مشاركة ريت" و"ملكية ريت" بنسب تقارب 41% لكل منهما. هذه النسب تشير إلى إستراتيجية توسعية واضحة، تعتمد بشكل كبير على الاقتراض لتعزيز استثماراتها أو لتمويل مشاريع تطويرية قائمة.

هذه المستويات المرتفعة من القروض قد تمثل فرصة لتعظيم العائد على حقوق المساهمين في فترات النمو، لكنها في الوقت نفسه ترفع من حدة المخاطر في حال تراجعت التدفقات النقدية أو ارتفعت تكاليف التمويل.

الصناديق التي تعتمد على تمويل خارجي بطريقة متوازنة تسعى لتحقيق نمو مدروس دون المغامرة المفرطة

الصناديق ذات الرافعة المالية المعتدلة

تشكِّل مجموعة كبيرة من الصناديق النطاق المتوسط، حيث تتراوح نسب القروض فيها بين 28% و39%. من ضمن هذه الصناديق نذكر "سدكو كابيتال ريت"، و"الخبير ريت"، و"ميفك ريت"، و"دراية ريت"، و"الأهلي ريت"، و"تعليم ريت"، وغيرها. هذه الصناديق تعتمد على تمويل خارجي بطريقة متوازنة، بحيث لا تتحمل أعباء مفرطة، وتحتفظ بقدر من المرونة المالية.

ويعكس هذا النهج سعيًا لتحقيق نمو مدروس دون المغامرة المفرطة، كما قد يدل على حرص إدارات هذه الصناديق على الحفاظ على تصنيفات ائتمانية جيدة أو على تلبية شروط معينة للمقرضين والمستثمرين.

الصناديق التي تتبنّى سياسة محافظة في هيكلها التمويلي قد تكون أكثر ملاءمة للمستثمرين الباحثين عن الأمان والاستقرار

الصناديق ذات الاستدانة المنخفضة أو المنعدمة

في المقابل، هناك صناديق تبنّت سياسة محافظة في هيكلها التمويلي، مثل "جدوى ريت السعودية" الذي لم تتجاوز نسبة القروض فيه 19.4% من إجمالي أصوله، بينما لم يسجل كل من "الإنماء ريت الفندقي" و"الجزيرة ريت" أي قروض على الإطلاق. هذه الصناديق قد تكون أكثر ملاءمة للمستثمرين الباحثين عن الأمان والاستقرار، خصوصًا في بيئات اقتصادية غير مستقرة.

رغم أن غياب القروض يقلل من فرص تحقيق عوائد مرتفعة مدفوعة بالرافعة المالية، إلا أنه يمنح هذه الصناديق مرونة أكبر في مواجهة التحديات، ويقلل من احتمال تعرضها لصدمات مالية مفاجئة.

تقترب مساهمة ستة صناديق فقط من نصف إجمالي الديون المسجلة، هذا التركز في المديونية قد يعكس ثقلًا أكبر لهذه الصناديق في السوق

تمركز الديون في عدد محدود من الصناديق

من اللافت أن عددًا محدودًا من الصناديق يستحوذ على حصة كبيرة من إجمالي القروض في السوق، إذ تقترب مساهمة ستة صناديق فقط من نصف إجمالي الديون المسجلة. يأتي على رأسها "الرياض ريت" بأكثر من 1.37 مليار ريال، يليه "سدكو كابيتال ريت"، و"الخبير ريت"، و"مشاركة ريت"، و"الإنماء ريت للتجزئة"، و"دراية ريت". هذا التركز في المديونية قد يعكس ثقلًا أكبر لهذه الصناديق في السوق من حيث الأصول والنشاط، لكنه يعني أيضًا أن أي تعثر أو تباطؤ في أداء هذه الصناديق قد تكون له تداعيات أوسع على القطاع.

اعتماد نسبة عالية من الصناديق على التمويل بالقروض يفتح الباب أمام عدة مخاطر

قراءة في المخاطر المحتملة

إن اعتماد نسبة عالية من الصناديق على التمويل بالقروض يفتح الباب أمام عدة مخاطر، أبرزها:

- مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة، وهو أمر محتمل في ظل التغيرات العالمية في السياسات النقدية.

- مخاطر التدفق النقدي، إذ إن ارتفاع الالتزامات التمويلية يتطلب تدفقات نقدية تشغيلية منتظمة، وقد يتأثر ذلك في حال انخفضت معدلات الإشغال أو تراجعت أسعار الإيجارات.

- مخاطر إعادة التمويل، خصوصًا إذا اقتربت آجال استحقاق الديون وتغيرت شروط السوق.

في المقابل، تتمتع الصناديق ذات الرافعة المالية المنخفضة أو المعدومة بمرونة أعلى في مواجهة التحديات، وإن كان ذلك يأتي على حساب تحقيق عوائد مرتفعة خلال فترات النمو.

على المستثمرون تقييم نسب القروض، وجودة الأصول العقارية، ومعدلات الإشغال، وتوزيعات الأرباح

دلالات للمستثمرين

تُظهر هذه البيانات مدى تنوع الإستراتيجيات المتبعة في السوق السعودية للصناديق العقارية، مما يتيح للمستثمرين خيارات متنوعة تتناسب مع درجات مختلفة من الشهية للمخاطر. فالمستثمر الباحث عن العوائد المرتفعة قد ينجذب للصناديق ذات الرافعة المالية العالية، في حين يفضّل المستثمر المحافظ الصناديق التي تعتمد على التمويل الذاتي.

ويُنصح هنا بأن يقيّم المستثمرون ليس فقط نسب القروض، بل أيضًا جودة الأصول العقارية، ومعدلات الإشغال، وتوزيعات الأرباح، وكذلك قدرة إدارة الصندوق على إدارة المخاطر بفعالية.

مع استمرار تطورات البيئة الاقتصادية، سيظل عنصر الإدارة الذكية للمخاطر هو المحدد الأهم في نجاح أو تعثر هذه الصناديق

الخلاصة:

تشير نتائج الربع الأول من عام 2025 إلى أن الصناديق العقارية في السوق السعودية تسير في مسارَين متوازيَين؛ أحدهما يعتمد على التوسع من خلال التمويل، والآخر يفضّل الاستقرار المالي والتحفظ في المديونية. وبين هذين المسارَين، يبرز تنوع السوق وتوازن قواها، وهو ما يُعد صحيًا ويعكس نضوج قطاع الصناديق العقارية وتعدد إستراتيجياته. ومع استمرار تطورات البيئة الاقتصادية، سيظل عنصر الإدارة الذكية للمخاطر هو المحدد الأهم في نجاح أو تعثر هذه الصناديق خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضًا
رئيس "السوق المالية": الصناديق العقارية تمثل 25% من إجمالي الأصول المدارة في المملكة بتريليون ريال
الصناديق العقارية تحقق أرباحًا مستمرة للمستثمرين في السعودية

محتوى ذو صلة

No stories found.
//Handle Attachments element/
logo
بروبرتي ميدل إيست - Property Middle East
propertymiddleeast.com