
شهدت أسعار الشقق السكنية في مدينة الرياض ارتفاعًا ملحوظًا خلال الربع الثالث من عام 2025، وفق بيانات الهيئة العامة للعقار؛ إذ سجّل 30 حيًّا من الأحياء زيادات كبيرة في متوسط سعر المتر المربع، في وقتٍ تُظهر فيه السوق العقارية تحوُّلًا تدريجيًّا نحو الشقق بوصفها خيارًا سكنيًّا أكثر ملاءمة من حيث التكلفة مقارنة بالفلل.
ففي حي الملك فيصل، ارتفع متوسط سعر المتر المربع للشقق من 2708 ريالات في الربع الثالث من 2024 إلى 9440 ريالًا في 2025، بزيادة 65%، وهو أعلى معدل ارتفاع في العاصمة خلال الفترة.
متوسط سعر متر الشقق بأحياءٍ شهدت ارتفاعًا في الرياض
وجاء حي الصحافة ثانيًا بنسبة نمو بلغت 47%؛ حيث صعد السعر من 9771 إلى 14397 ريالًا للمتر المربع، تلاه حي القدس بزيادة 31%، ثم المونسية بنسبة 29%.
ويُعزى هذا الارتفاع اللافت في الأسعار إلى تحوُّل شريحةٍ متزايدةٍ من المشترين إلى الشقق السكنية كخيارٍ بديل عن الفلل التي تجاوزت أسعارها في بعض الأحياء حاجز الخمسة ملايين ريال.
ففي حي القدس مثلًا، يصل متوسط سعر الفيلا إلى نحو 5 ملايين ريال، بينما يمكن شراء شقة بمساحة مناسبة بسعر لا يتجاوز 1.4 مليون ريال، أي بفارق يتجاوز 50% في التكلفة. هذا الفارق الكبير جعل الشقق الوجهة المفضّلة للمشترين الباحثين عن تملكٍ سكنيٍّ داخل النطاق العمراني الحيوي للمدينة.
وتظهر البيانات أن الارتفاعات لم تقتصر على الأحياء الشمالية مثل النرجس والياسمين وحطين، بل شملت كذلك أحياءً شرقية وغربية مثل السويدي والروضة وطويق والبيان؛ ما يعكس نمو الطلب المتوازن على الشقق في مختلف مناطق العاصمة.
كما ساهمت سياسات التمويل العقاري الميسر، وارتفاع تكاليف الإنشاء وأسعار الأراضي، في تعزيز التوجُّه نحو الوحدات السكنية الأصغر؛ لا سيما في ظل استهداف الأسر الشابة والعاملين في القطاعات الجديدة ضمن سوق العمل.
جدول متوسط سعر متر الشقق بأحياءٍ شهدت انخفاضًا في الرياض
في المقابل، شهدت بعض الأحياء تراجعًا في أسعار الشقق خلال الفترة، أبرزها القيروان الذي انخفض فيه متوسط سعر المتر المربع بنسبة 42%، وضاحية نمار بنسبة 28%، وإشبيلية بنسبة 24%.
ويعود هذا التراجع إلى زيادة المعروض والمبيعات في تلك الأحياء إلى جانب انخفاض أسعار الفلل في المناطق نفسها؛ مما أعاد ضبط الأسعار نحو مستوياتٍ أكثر واقعية.
فعلى سبيل المثال، انخفض متوسط سعر متر الفلل في حي القيروان من 10 آلاف ريال إلى نحو 8.950 ريالًا في الربع الثالث من 2025، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار الشقق التي كانت سابقًا تستفيد من ارتفاع أسعار الفلل لتثبيت قيمتها السوقية عند مستويات مرتفعة.
ويرى مراقبون أن هذا التباين في الأسعار يعكس نضوج سوق الإسكان في الرياض؛ حيث بدأت الأسعار تعكس بوضوح الفوارق في الموقع، ومستوى الخدمات، وكثافة الطلب، ونوعية المنتج السكني المعروض.
ومع استمرار برامج وزارة البلديات والإسكان في توفير مزيدٍ من الأراضي السكنية وخفض تكلفة التطوير، من المرجح أن يستمر التوازن بين أسعار الفلل والشقق في التحسُّن خلال العام المقبل.