خبراء لـ"بروبرتي ميدل إيست": تعديلات قانون الإيجار في مصر تُنعش سوق العقارات وتُعيد التوازن بين العرض والطلب

رئيس ائتلاف الملاك: التعديلات ستعزز الاقتصاد الوطني عبر تحصيل الضرائب العقارية
مدينة الجيزة المصرية
مدينة الجيزة المصرية
تم النشر في

أقر مجلس النواب المصري نهائيًّا، التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم، في خطوةٍ تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل أكثر عدالة وشفافية.

ويُعدُّ هذا التعديل خطوة إستراتيجية من الحكومة لإعادة التوازن إلى السوق العقارية المصرية بعد عقود من التطبيق غير المتوازن لقوانين الإيجار القديم، التي كانت تفرض أسعار إيجارات منخفضة جدًّا مقارنة بالقيمة السوقية الحالية للعقارات.

التعديلات تهدف إلى تحرير العلاقة الإيجارية تدريجيًّا، مع توفير حلول سكنية بديلة للمستأجرين المتأثرين بالقانون الجديد.

الانتقال التدريجي وتحقيق التوازن

تأتي هذه التعديلات في إطار هدف الدولة في إعادة تنظيم سوق العقارات، وتوفير حلول تتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، حيث تؤكد الحكومة المصرية على أن هذه الزيادات ستكون تدريجية، وفي فترة انتقالية، حتى يتمكن المستأجرون من التكيف مع هذا التعديل، ويعطي المالك الفرصة في تعزيز تحصيل قيمة الإيجار بما يتناسب مع الأسعار الحالية.

وفي هذا السياق، أوضح المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة ستتخذ مجموعة من الإجراءات والقرارات لتسهيل التنفيذ الفعلي لهذا القانون بما يخدم مصلحة جميع الأطراف.

وأكد "الشربيني" أن الحكومة لن تقوم بطرد أي مواطن من الوحدات السكنية التي يقطن فيها بسبب التعديل الجديد، وسيكون هناك حرص كامل على ضمان عدم تضرر المستأجرين الحاليين من هذه التعديلات، مبينًا أنه سيتم تدشين منصة رقمية لتسجيل ودراسة بيانات المستأجرين، لتقديم الدعم الحقيقي اللازم لكل حالة على حدة.

إجراءات الحكومة لدعم المستأجرين

تزامنًا مع ذلك، أعلن وزير الإسكان عن تأسيس صندوق لدعم الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، على غرار نظام الإسكان الاجتماعي، بهدف ضمان حلول سكنية ملائمة للمستأجرين الذين قد يتأثرون بالقانون الجديد.

وأوضح أن الدولة لن تترك أي مواطن دون مسكن، لافتًا إلى أن الوزارة تمكنت من تنفيذ مشروعات الإسكان الاجتماعي في مختلف المحافظات، ووفرت أكثر من 5 ملايين وحدة سكنية منذ عام 2014 بالتعاون مع القطاع الخاص.

وأشار الوزير إلى أن المدة الزمنية التي تم تحديدها في القانون وهي سبع سنوات، هي فترة كافية لتنفيذ مشروعات الوحدات البديلة، وتقديم حلول سكنية ملائمة للمستأجرين، مضيفًا إن الوزارة لديها حاليًّا نحو 238,109 وحدات سكنية متاحة، كما أنها تقوم بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية للحصول على أراضٍ جديدة للمشروعات البديلة في المستقبل.

وتحدث "الشربيني" أيضًا عن الخطط المتعلقة بالمناطق التي ستتم فيها هذه المشروعات البديلة، منوهًا إلى أن التركيز سيشمل المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، مثل القاهرة، والقليوبية، ومدن مثل 6 أكتوبر وحدائق أكتوبر وأكتوبر الجديدة، حيث ستركز الحكومة على توفير الوحدات البديلة لهذه المناطق.

مصطفى عبدالرحمن - رئيس ائتلاف ملاك مصر
مصطفى عبدالرحمن - رئيس ائتلاف ملاك مصر
"عبدالرحمن": بدء تنفيذ القانون سيكون اعتبارًا من الأول من أغسطس المقبل، متضمنًا التعديلات التي أقرها المجلس

خطوة نحو تعزيز الاقتصاد وحل أزمة السكن

على صعيدٍ متصل، أكد مصطفى عبدالرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، أن التعديلات التشريعية الجديدة تمثل نقلة نوعية ستنعكس بشكلٍ إيجابيٍّ على الاقتصاد الوطني، من خلال رفع معدلات تحصيل الضرائب العقارية، فضلًا عن المساهمة في معالجة أزمة السكن عبر إعادة استغلال الوحدات السكنية المغلقة، التي ظلت خاضعة لعقود إيجار طويلة الأمد دون تغيير.

وأوضح "عبدالرحمن" في تصريحاتٍ خاصة لـ "بروبرتي ميدل إيست"، أن ائتلاف الملاك ملتزم بدعم المستأجرين عبر توفير حلول عادلة تضمن استمرارهم في السكن ضمن إطار قانوني مُنصف، مشددًا على أن الائتلاف سيضطلع بدور الوسيط لتشجيع التفاوض المباشر بين الملاك والمستأجرين، بما يحقق توازنًا بين الحقوق والالتزامات لكلا الطرفين.

خطوات تشريعية مرتقبة لتطبيق القانون

وفيما يتعلق بالمسار التشريعي للتعديلات، أشار "عبدالرحمن" إلى أن مشروع القانون سيخضع بعد إقراره من مجلس النواب لمراجعة قانونية شاملة في مجلس الدولة، ليُعاد بعدها إلى المجلس لاعتماده النهائي، تمهيدًا لعرضه على رئيس الجمهورية للتصديق عليه.

ولفت إلى أن بدء تنفيذ القانون سيكون اعتبارًا من الأول من أغسطس المقبل، متضمنًا التعديلات التي أقرها المجلس، وعلى رأسها زيادات القيم الإيجارية، وفق ما نص عليه التشريع الجديد.

جادو: الزيادات الإيجارية ستسهم في إعادة التوازن بين العرض والطلب بسوق الإيجار

إجراءات التنفيذ وأثرها على سوق العقارات

بدوره توقَّع الخبير العقاري، عبدالمجيد جادو، أن تُسهم هذه التعديلات في تنشيط سوق العقارات بمصر، خاصةً أن القانون سيؤدي إلى رفع قيمة الإيجارات بشكلٍ يتماشى مع أسعار السوق، مما يُتيح للملاك فرصةً لتحصيل عوائد أفضل من ممتلكاتهم.

وأضاف "جادو"، في تصريحات خاصة لـ"بروبرتي ميدل إيست"، إن تطبيق الزيادات الإيجارية بشكل تدريجي قد يسهم في إعادة التوازن بين العرض والطلب في سوق الإيجار، كما يفتح المجال للمزيد من المشروعات السكنية البديلة التي سيتم توفيرها للمستأجرين خلال الفترة الانتقالية.

هل يمكن الطعن في دستورية القانون؟

في سياقٍ آخر، كشف الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، أن رئيس الجمهورية يملك صلاحية دستورية تتيح له الاعتراض على مشروع قانون الإيجار القديم بعد إحالته إليه من مجلس النواب، مبينًا أن للرئيس الحق في الاعتراض على مادة واحدة أو أكثر، أو حتى على القانون بكامله، وإعادته إلى البرلمان لإعادة النظر فيه.

وأضاف "فوزي"، في تصريحات إعلامية، إن مجلس النواب، في حال اعتراض الرئيس، يملك خيارَين: إما الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية وإجراء التعديلات اللازمة، أو التمسك بالنص الأصلي للمشروع، وفي حال الموافقة الرئاسية، يُنشر القانون في الجريدة الرسمية، ليُصبح نافذًا بدءًا من اليوم التالي لتاريخ النشر، وهو ما يُمثل الإجراء المعتاد في الممارسات التشريعية.

وعن الطعن في دستورية القانون، شدَّد "فوزي" على أن المحكمة الدستورية العليا لا تنظر في مثل هذه القضايا بشكل مباشر عقب تصويت البرلمان، بل يتطلب الأمر رفع دعاوى عبر محاكم الموضوع، والتي قد تُحيل بدورها المواد المشكوك في دستوريتها إلى المحكمة الدستورية.

اقرأ أيضًا
البرلمان المصري يُقِرّ نهائيًا تعديلات قانون الإيجارات القديمة
مدينة الجيزة المصرية

أبرز ملامح تعديلات قانون الإيجار القديم

من أهم ملامح التعديلات، تطبيق فترة انتقالية تُمنح للمستأجرين قبل إنهاء عقود الإيجار القديمة، حيث حُددت هذه الفترة بسبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكن.

الهدف من هذه الفترة هو منح المستأجرين الوقت الكافي للانتقال إلى وحدات سكنية بديلة أو التوصل إلى حلول تفاوضية مع الملاك، وبعد انتهاء هذه المدة، يُلزم المستأجر بإخلاء الوحدة المؤجرة، على أن تنتهي كافة القوانين المنظمة للإيجار القديم ليخضع أي عقد إيجار جديد لأحكام القانون المدني، مما يمنح حرية التعاقد بين المالك والمستأجر.

رفع قيمة الإيجارات وزيادة سنوية

تتضمن التعديلات الجديدة أيضًا زيادة كبيرة في قيمة الإيجارات، وذلك في خطوة لتقليص الفجوة بين الإيجارات الحالية والأسعار السوقية.

ومن المقرر أن تشهد الوحدات السكنية في المناطق المتميزة زيادة تصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية، على ألا تقل الزيادة عن 1000 جنيه شهريًّا، أما في المناطق المتوسطة، فسيتم تحديد الزيادة لتصل إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى (400 جنيه)، بينما ستزداد القيمة في المناطق الاقتصادية بمقدار 250 جنيهًا على الأقل.

وفيما يتعلق بالأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن، فقد أقرت التعديلات زيادة قيمتها الإيجارية لتصل إلى 5 أضعاف القيمة الحالية.

ومن بين أبرز النقاط التي تضمنتها التعديلات، تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية طوال فترة الانتقال، بهدف تعزيز التوازن بين المالك والمستأجر تدريجيًّا، ما يُساعد على تعديل الأسعار بشكلٍ منطقيّ بعد سنوات طويلة من تجميد الأسعار.

محتوى ذو صلة

No stories found.
//Handle Attachments element/
logo
بروبرتي ميدل إيست - Property Middle East
propertymiddleeast.com